وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ظَنَّ فِي نَفْسِهِ أَنَّ أَحَدًا لَمْ يَمْدَحْ خَالِقَهُ بِأَفْضَلِ مِمَّا يَمْدَحُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا وَهُوَ قَاعِدٌ فِي مِحْرَابِهِ وَالْبِرْكَةُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: يَا دَاوُدُ افْهَمْ مَا تُصَوِّتُ بِهِ الضُّفْدَعُ، فَأَنْصَتَ لَهَا فَإِذَا هِيَ تَقُولُ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ مُنْتَهَى عِلْمِكَ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: كَيْفَ تَرَى؟ فَقَالَ وَالَّذِي جَعَلَنِي نَبِيًّا إِنِّي لَمْ أَمْدَحْهُ كَذَا. وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ: يَحْرُمُ أَكْلُهَا لِلنَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَيَ عَنْ قَتْلِ خَمْسٍ: النَّمْلَةُ وَالنَّحْلَةُ وَالضُّفْدَعُ وَالصُّرَدُ وَالْهُدْهُدُ» وَفِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ، وَالْحَاكِمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ طَبِيبًا سَأَلَهُ عَنْ قَتْلِ ضُفْدَعٍ فِي دَوَاءٍ، فَنَهَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِهَا» ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الضُّفْدَعَ يَحْرُمُ أَكْلُهَا وَأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِيمَا أُبِيحَ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ.
وَرَوَى ابْنُ عَدِيٍّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " «لَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنَّ نَعِيقَهَا تَسْبِيحٌ» ".
قَالَ سُلَيْمٌ: سَأَلْتُ الدَّارَقُطْنِيَّ عَنْهُ فَقَالَ: إِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَدْ رَوَى أَبُو الْحُوَيْرِثِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْخَطَاطِيفِ، وَقَالَ " لَا تَقْتُلُوا هَذِهِ الْعَوْذَاءَ إِنَّهَا تَعُوذُ بِكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ» " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: مُنْقَطِعٌ قَالَ: وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْخَطَاطِيفِ عَوْذَاءِ الْبُيُوتِ» ، وَمِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا لَكِنْ صَحَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا أَنَّهُ قَالَ «وَلَا تَقْتُلُوا الضَّفَادِعَ فَإِنَّ نَعِيقَهَا تَسْبِيحٌ، وَلَا تَقْتُلُوا الْخُطَّافَ فَإِنَّهُ لَمَّا خُرِّبَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ قَالَ يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى الْبَحْرِ حَتَّى أُغْرِقَهُمْ» . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: إِنَّهُ حَلَالٌ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّتُ بِالْحَلَالِ غَالِبًا. قَالَ أَبُو الْعَاصِمِ الْعَبَّادِيُّ: وَهَذَا مُحْتَمَلٌ عَلَى أَصْلِنَا وَإِلَيْهِ مَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، ثُمَّ الْخُطَّافُ جَمْعُهُ الْخَطَاطِيفُ، وَيُسَمَّى زَوَّارَ الْهِنْدِ وَهُوَ مِنَ الطُّيُورِ الْقَوَاطِعِ إِلَى النَّاسِ يَقْطَعُ الْبِلَادَ إِلَيْهِمْ رَغْبَةً فِي الْقُرْبِ مِنْهُمْ، ثُمَّ إِنَّهَا تَبْنِي بُيُوتًا فِي أَبْعَدِ الْمَوَاضِعِ عَنِ الْوُصُولِ إِلَيْهَا، وَهَذَا الطَّائِرُ يُعْرَفُ عِنْدَ النَّاسِ بِعُصْفُورِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُ زَهِدَ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْأَقْوَاتِ فَأَحَبُّوهُ، وَإِنَّمَا يَتَقَوَّتُ بِالْبَعُوضِ وَالذُّبَابِ.
وَفِي رِسَالَةِ الْقُشَيْرِيِّ فِي آخِرِ بَابِ الْمَحَبَّةِ أَنَّ خُطَّافًا رَاوَدَ خُطَّافَةً عَلَى قُبَّةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ فَقَالَ لَهَا: تَمْتَنِعِينَ عَلَيَّ وَلَوْ شِئْتُ قَلَبْتُ الْقُبَّةَ عَلَى سُلَيْمَانَ، فَدَعَاهُ سُلَيْمَانُ وَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا قُلْتَ؟ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ الْعُشَّاقُ لَا يُؤَاخَذُونَ بِأَقْوَالِهِمْ، فَقَالَ: صَدَقْتَ، وَهُوَ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا نَوْعٌ يُسَمَّى السِّنُونُو وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَبِمَكَّةَ وَيُعَشِّشُ فِي سَقْفِ الْبَيْتِ عِنْدَ بَابِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَابِ بَنِي شَيْبَةَ، وَبَعْضُ النَّاسِ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ طَيْرُ الْأَبَابِيلِ الَّذِي عَذَّبَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ أَصْحَابَ الْفِيلِ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّمْلِ: إِنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا خَرَجَ مِنَ الْجَنَّةِ اشْتَكَى إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْوَحْشَةَ فَآنَسَهُ اللَّهُ بِالْخُطَّافِ وَأَلْزَمَهَا الْبُيُوتَ، فَهِيَ لَا تُفَارِقُ بَنِي آدَمَ أَنْسَابَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute