للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤١٩٤ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا شَبِعْنَا مِنَ الْأَسْوَدَيْنِ» (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)

ــ

٤١٩٤ - (وَعَنْهَا) : أَيْ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا (قَالَتْ: «تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا شَبِعْنَا» ) : أَيْ: حَيَاتَهُ تَنَزُّهًا عَنِ الدُّنْيَا، وَتَقَوًى عَنِ الْهَوَى وَإِيثَارًا لِلْفَقْرِ لَا مِنَ الْعَوَزِ وَالْحَاجَةِ إِلَى الْأَغْنِيَاءِ (مِنَ الْأَسْوَدَيْنِ) : أَيِ: التَّمْرِ وَالْمَاءِ، فَفِيهِ تَغْلِيبٌ كَالْقَمَرَيْنِ وَالْعُمَرَيْنِ تَغْلِيبًا لِلْمَأْكُولِ عَلَى الْمَشْرُوبِ، فَإِنَّهُ الْأَصْلُ الْمَطْلُوبُ، كَمَا غُلِّبَ الشِّبَعُ عَلَى الرِّيِّ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ، وَالسَّوَادُ لِلتَّمْرِ دُونَ الْمَاءِ، فَنُعِتَا بِنَعْتٍ وَاحِدٍ، وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الشَّيْئَيْنِ يَصْطَحِبَانِ وَيُسَمَّيَانِ مَعًا لِاسْمِ الْأَشْهَرِ مِنْهُمَا، هَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الْغَرِيبِ. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُمْ يُغَلِّبُونَ الْمُذَكَّرَ تَارَةً كَالْقَمَرَيْنِ وَالْأَخَفَّ أُخْرَى كَالْعُمَرَيْنِ، وَأَيَّهُمَا أَحْرَى كَالْوَالِدَيْنِ، وَهُوَ يَعُمُّ الْعَلَمَ وَالْوَصْفَ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِمْ بَقِيَّةٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُثْبِتُوا وَجْهَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتَّمْرِ فِي الْعَوَزِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سِعَةٍ مِنَ الْمَاءِ، إِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ لِأَنَّ الرِّيَّ مِنَ الْمَاءِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ يَحْصُلُ لَهُمْ مِنْ دُونِ الشِّبَعِ مِنَ الطَّعَامِ - فَإِنَّ أَكْثَرَ الْأُمَمِ لَا سِيَّمَا الْعَرَبُ يَرَوْنَ شُرْبَ الْمَاءِ عَلَى الرِّيقِ بَالِغًا فِي الْمَضَرَّةِ فَقَرَنَتْ بَيْنَهُمَا لِعَوَزِ التَّمَتُّعِ بِأَحَدِهَا بِدُونِ الْإِصَابَةِ مِنَ الْآخَرِ، وَعَبَّرَتْ عَنِ الْأَمْرَيْنِ - أَعْنِي الشِّبَعَ وَالرِّيَّ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ، كَمَا عَبَّرَتْ عَنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>