للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٢٠٣ - وَعَنْ أُمَيَّةَ بْنِ مَخْشِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلَّا لُقْمَةٌ، فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ: " مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ اسْتَقَاءَ مَا فِي بَطْنِهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٢٠٣ - (وَعَنْ أُمَيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ) : بِالتَّصْغِيرِ (ابْنِ مَخْشِيٍّ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ الصَّحَابَةِ: خُزَاعِيٌّ أَسَدِيٌّ، عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْبَصْرَةِ، حَدِيثُهُ فِي الطَّعَامِ، رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ الْمُثَنَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: (قَالَ: «كَانَ رَجُلٌ يَأْكُلُ فَلَمْ يُسَمِّ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ طَعَامِهِ إِلَّا لُقْمَةٌ» ) : بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ (فَلَمَّا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ) : أَيْ فَمِهِ ( «قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» -) : أَيْ تَعَجُّبًا لِمَا كُشِفَ لَهُ فِي ذَلِكَ (ثُمَّ قَالَ: «مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ فَلَمَّا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ اسْتَقَاءَ» ) : أَيِ الشَّيْطَانُ (مَا فِي بَطْنِهِ) : أَيِ اسْتَرَدَّ مِنْهُ مَا اسْتَبَاحَهُ، وَالِاسْتِقَاءُ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْقَيْءِ بِمَعْنَى الِاسْتِفْرَاغِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، أَوِ الْمُرَادُ الْبَرَكَةُ الذَّاهِبَةُ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ، كَأَنَّهَا كَانَتْ فِي جَوْفِ الشَّيْطَانِ أَمَانَةً فَلَمَّا سَمَّى رَجَعَتْ إِلَى الطَّعَامِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَيْ صَارَ مَا كَانَ لَهُ وَبَالًا عَلَيْهِ مُسْتَلَبًا عَنْهُ بِالتَّسْمِيَةِ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ غَيْرُ مَوْثُوقٍ فِيهِ، فَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَطَّلِعُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي بَرِيَّتِهِ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ إِلَى مَعْرِفَتِهِ إِلَّا بِالتَّوْفِيقِ مِنْ جِهَتِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ عَلَى مَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَهُ حَظٌّ مِنْ تَطْيِيرِ الْبَرَكَةِ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى تَفْسِيرِهِ، وَعَلَى تَفْسِيرِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهُوَ ظَاهِرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. أَقُولُ: وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مَعَ النَّبِيِّ وَأَصْحَابِهِ، فَيَنْدَفِعُ الْقَوْلُ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ بِحَضْرَتِهِمْ أَوْ صَارَ مُلْحَقًا بِهِمْ فَبَعِيدٌ جِدًّا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>