٤٢٥١ - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْعَةٌ، يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، يُقَالُ لَهَا: الْغَرَّاءُ، فَلَمَّا أَضْحَوْا وَسَجَدُوا الضُّحَى، أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ وَقَدْ ثُرِدَ فِيهَا، فَالْتَفُّوا عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَثُرُوا، جَثَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا، وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا عَنِيدًا " ثُمَّ قَالَ: " كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا، وَدَعُوا ذِرْوَتَهَا يُبَارَكْ فِيهَا» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٢٥١ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ) : بِمُوَحَّدَةٍ وَسُكُونِ مُهْمَلَةٍ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: سُلَمِيٌّ مَازِنِيٌّ، لَهُ وَلِأَبِيهِ بُسْرٍ وَأُمِّهِ وَأَخِيهِ عَطِيَّةَ وَأُخْتِهِ الصَّمَّاءِ صُحْبَةٌ، نَزَلَ الشَّامَ، وَمَاتَ بِحِمْصَ فَجْأَةً، وَهُوَ يَتَوَضَّأُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالشَّامِ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. (قَالَ: كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْعَةٌ) : أَيْ كَبِيرَةٌ (يَحْمِلُهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ، يُقَالُ لَهَا: الْغَرَّاءُ) : تَأْنِيثُ الْأَغَرِّ، بِمَعْنَى الْأَبْيَضِ الْأَنْوَرِ (فَلَمَّا أَضْحَوْا) : بِسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، أَيْ دَخَلُوا فِي الضُّحَى (وَسَجَدُوا الضُّحَى) : أَيْ صَلَّوْهَا (أُتِيَ بِتِلْكَ الْقَصْعَةِ) : أَيْ جِيءَ بِهَا. (وَقَدْ ثُرِدَ) : بِضَمِّ مُثَلَّثَةٍ وَكَسْرِ رَاءٍ مُشَدَّدَةٍ (فِيهَا) : أَيْ فِي الْقَصْعَةِ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ (فَالْتَفُّوا) : بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَضْمُومَةِ أَيِ اجْتَمَعُوا (عَلَيْهَا) : أَيْ حَوْلَهَا (فَلَمَّا كَثُرُوا) : بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ (جَثَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : أَيْ مِنْ جِهَةِ ضِيقِ الْمَكَانِ تَوْسِعَةً عَلَى الْإِخْوَانِ. وَفِي الْقَامُوسِ: جَثَا كَدَعَا وَرَمَى جُثُوًّا وَجِثِيًّا بِضَمِّهِمَا جَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: مَا هَذِهِ الْجِلْسَةُ؟) : بِكَسْرِ الْجِيمِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذِهِ نَحْوُهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [العنكبوت: ٦٤] : كَأَنَّهُ اسْتَحْقَرَهَا وَرَفَعَ مَنْزِلَتَهُ عَنْ مِثْلِهَا (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللَّهَ جَعَلَنِي عَبْدًا كَرِيمًا) : أَيْ مُتَوَاضِعًا سَخِيًّا، وَهَذِهِ الْجِلْسَةُ أَقْرَبُ إِلَى التَّوَاضُعِ، وَأَنَا عَبْدٌ وَالتَّوَاضُعُ بِالْعَبْدِ أَلْيَقُ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ هَذِهِ جِلْسَةُ تَوَاضُعٍ لَا حَقَارَةٍ ; وَلِذَلِكَ وَصَفَ " عَبْدًا " بِقَوْلِهِ " كَرِيمًا " اهـ. وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَرْضَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْجِلْسَةِ أَهْلُ الْجَهْلِ وَالتَّكَبُّرِ ; وَلِذَا قَالَ: (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا) : أَيْ مُتَكَبِّرًا مُتَمَرِّدًا (عَنِيدًا) : أَيْ مُعَانِدًا جَائِرًا عَنِ الْقَصْدِ، وَأَدَاءِ الْحَقِّ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ. (ثُمَّ قَالَ: كُلُوا مِنْ جَوَانِبِهَا) : مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَيْ: لِيَأْكُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّا يَلِيهِ مِنْ أَطْرَافِ الْقَصْعَةِ (وَدَعُوا) : أَيِ اتْرُكُوا (ذِرْوَتَهَا) : بِتَثْلِيثِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْكَسْرُ أَصَحُّ أَيْ وَسَطَهَا وَأَعْلَاهَا (يُبَارَكْ) : بِالْجَزْمِ عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ أَيْ هُوَ سَبَبٌ أَنْ تَكْثُرَ الْبَرَكَةُ (فِيهَا) : أَيْ فِي الْقَصْعَةِ بِخِلَافِ مَا إِذَا أُكِلَ مِنْ أَعْلَاهَا انْقَطَعَ الْبَرَكَةُ مِنْ أَسْفَلِهَا. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ. وَقَدْ سَبَقَ مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute