٤٣٧٩ - وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَعَلَيْهِ مِطْرَفٌ مِنْ خَزٍّ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
ــ
٤٣٧٩ - (وَعَنْ أَبِي رَجَاءٍ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ عِمْرَانُ بْنُ تَمِيمٍ الْعُطَارِدِيُّ، أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهُمَا وَعَنْهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عَالِمًا عَامِلًا مُعَمِّرًا، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ (قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَعَلَيْهِ مِطْرَفٌ) : بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ فِرَاءٌ مَفْتُوحَةٌ فَفَاءٍ ثَوْبٌ فِي طَرَفَيْهِ عَلَمَانِ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَصْلُهُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مَأْخُوذٌ مِنْ أَطْرَفَ أَيْ جَعَلَ طَرَفَيْهِ لِعَلَمَيْنِ، وَلَكِنَّهُمُ اسْتَثْقَلُوا الضَّمَّةَ فَكَسَرُوهُ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْقُرَّاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتَحَ وَأَنَّ الْكَسْرَ أَفْصَحُ، لَكِنَّ صَاحِبَ الْقَامُوسِ اقْتَصَرَ عَلَى الضَّمِّ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُطْرَفُ كَمُكْرَمٍ رِدَاءٌ مِنْ خَزٍّ مُرَبَّعٌ ذُو أَعْلَامٍ اهـ. فَقَوْلُهُ: (مِنْ خَزٍّ) إِمَّا لِلتَّأْكِيدِ أَوْ بِنَاءً عَلَى التَّجْرِيدِ، وَالْخَزُّ ثَوْبٌ مِنْ حَرِيرٍ خَالِصٍ. وَقِيلَ: هُوَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ مَنْ إِبْرَيْسَمٍ وَصُوفٍ وَهُوَ مُبَاحٌ، فَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي. (وَقَالَ) : أَيْ عِمْرَانُ (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ نِعْمَةً) : أَيْ وَلَوْ وَاحِدَةً (فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُرَى) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُبْصَرَ وَيُظْهَرَ (أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: مَظْهَرٌ أُقِيمَ مَقَامَ الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إِلَى الْمُبْتَدَأِ إِشْعَارًا بِإِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ مِنْ أَثَرِ رُؤْيَةِ مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ رَبُّهُ وَمَالِكُهُ، وَفِي مِنْهَاجِ الْعَابِدِينَ: ذُكِرَ أَنَّ فَرْقَدَ السِّنْجِيَّ دَخَلَ عَلَى الْحَسَنِ، وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ وَعَلَى الْحَسَنِ حُلَّةٌ، فَجَعَلَ يَلْمَسُهَا فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا لَكَ تَنْظُرُ إِلَى ثِيَابِي؟ ثِيَابِي ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَثِيَابُكَ ثِيَابُ أَهْلِ النَّارِ، بَلَغَنِي أَنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ أَصْحَابُ الْأَكْسِيَةِ، ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ: جَعَلُوا الزُّهْدَ فِي ثِيَابِهِمْ وَالْكِبْرَ فِي صُدُورِهِمْ، وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَأَحَدُكُمْ بِكِسَائِهِ أَعْظَمُ كِبْرًا مِنْ صَاحِبِ الْمِطْرَفِ بِمِطْرَفِهِ اهـ. وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ مُخْتَارُ فَرِيقِ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ، وَالسَّادَةِ الشَّاذِلِيَّةِ، وَالسَّادَةِ الْبَكْرِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يَتَقَيَّدُوا بِلِبَاسٍ خَاصٍّ مِنْ صُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ كَسَائِرِ الصُّوفِيَّةِ، نَفَعَنَا اللَّهُ بِبَرَكَاتِهِمْ وَحُسْنِ مَقَاصِدِهِمْ فِي نِيَّتِهِمْ (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute