للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ سَبَبُ الْعَبَثِ بِهِ هُوَ التَّفَكُّرُ الْبَاعِثُ عَلَى التَّحَيُّرِ فِي الْأَمْرِ، وَالِاضْطِرَابِ فِي الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي لِوُقُوعِ الْخَاتَمِ مِنَ الْيَدِ، مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى تَغَيُّرِ حَالِهِ، وَاضْطِرَابِ النَّاسِ فِي إِبْقَاءِ نَصْبِهِ، وَإِنْشَاءِ عَزْلِهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ عَبَثًا صُورَةً، وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ نَشَأَ عَنْ فِكْرَةٍ وَفِكْرَةُ مِثْلِهِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحَيْرَةِ، وَهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ الشِّيعَةِ عَلَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي الْحَدِيثِ التَّبَرُّكُ بِآثَارِ الصَّالِحِينَ وَلُبْسِ مَلَابِسِهِمْ وَجَوَازُ لُبْسِ الْخَاتَمِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ أَيْضًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُوَرَّثْ، إِذْ لَوْ وَرَّثَ لَدَفَعَ الْخَاتَمَ إِلَى وَرَثَتِهِ، بَلْ كَانَ الْخَاتَمُ وَالْقَدَحُ وَالسِّلَاحُ وَنَحْوُهَا مِنْ آثَارِهِ الصُّورِيَّةِ صَدَقَةً لِلْمُسْلِمِينَ تَصَرُّفُهَا مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ حَيْثُ رَأَى الْمَصَالِحَ، فَجُعِلَ الْقَدَحُ عِنْدَ أَنَسٍ إِكْرَامًا لَهُ بِخِدْمَتِهِ، وَمِنَ الْمُرَادِ التَّبَرُّكُ بِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ، وَجُعِلَ بَاقِي الْأَثَاثِ عِنْدَ نَاسٍ مَعْرُوفِينَ، وَاتُّخِذَ الْخَاتَمُ عِنْدَهُ لِلْحَاجَةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهَا مَوْجُودَةٌ لِلْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ، ثُمَّ الثَّانِي، ثُمَّ الثَّالِثِ اهـ، وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْعَسْقَلَانِيُّ وَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَاتَمُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ، فَانْتَقَلَ لِلْإِمَامِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِيمَا صُنِعَ لَهُ. قُلْتُ: الْأَصْلُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَهَذَا مُحْتَمَلٌ فَهُوَ الْمُعَوَّلُ فَتَأَمَّلْ. وَفِي الْبَابِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ اسْتَوْفَيْنَا بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>