للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذَا قَلَّمَ أَظَافِيرَهُ أَوْ جَزَّ شَعْرَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَدْفِنَ قُلَامَتَهُ، فَإِنْ رَمَى بِهِ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ أَلْقَاهُ فِي الْكَنِيفِ أَوِ الْمُغْتَسَلِ يُكْرَهُ. وَفِي حَدِيثٍ مُرْسَلٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ: «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ وَيَقُصُّ شَارِبَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ» . وَرَوَى النَّوَوِيُّ كَالْعِبَادِيِّ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْغِنَى عَلَى كُرْهٍ فَلْيُقَلِّمْ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَفِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ: «يَا عَلِيُّ! قُصَّ الْأَظْفَارَ، وَانْتِفِ الْإِبِطَ، وَاحْلِقِ الْعَانَةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَالْغُسْلُ وَالطِّيبُ وَاللِّبَاسُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» . قِيلَ: وَلَمْ يَثْبُتْ فِي قَصِّ الظُّفْرِ يَوْمَ الْخَمِيسِ حَدِيثٌ، بَلْ كَيْفَمَا احْتَاجَ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي كَيْفِيَّتِهِ، وَلَا فِي تَعْيِينِ يَوْمٍ لَهُ شَيْءٌ وَمَا يُعْزَى مِنَ النَّظْمِ فِي ذَلِكَ لِعَلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ.

وَمِنَ الْفَوَائِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالظُّفْرِ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ لِبَاسُ آدَمَ الظُّفْرَ بِمَنْزِلَةِ الرِّيشِ عَلَى الطَّيْرِ، فَلَمَّا عَصَى سَقَطَ مِنْهُ لِبَاسُهُ، وَتُرِكَتِ الْأَظْفَارُ زِينَةً وَمَنَافِعَ. وَرَوَى أَيْضًا عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: كَانَ آدَمُ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا فَكَسَاهُ اللَّهُ هَذَا الْجِلْدَ، وَأَعَانَهُ بِالظُّفْرِ يَحُكُّ بِهِ، كَذَا فِي إِتْمَامِ الدِّرَايَةِ لِقُرَّاءِ النُّقَايَةِ. (وَنَتْفُ الْإِبِطِ) : أَيْ نَتْفُ شَعْرِهِ، وَالْإِبِطُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. وَحُكِيَ كَسْرُهَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، ذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: كَذَا أَيْ بِصِيغَةِ الْإِفْرَادِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَجَامِعِ الْأُصُولِ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ، وَفِي بَعْضِهَا: الْآبَاطُ بِالْجَمْعِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْإِبِطُ بَاطِنُ الْمَنْكِبِ وَبِكَسْرِ الْبَاءِ وَقَدْ يُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ آبَاطٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَشَارِقِ: الْمَفْهُومُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ حَلْقَ الْإِبِطِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ، بَلِ السُّنَّةُ نَتْفُهُ لِأَنَّ شَعْرَهُ يَغْلُظُ بِالْحَلْقِ، وَيَكُونُ أَعْوَنَ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: النَّتْفُ أَفْضَلُ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ، لِمَا حُكِيَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ كَانَ يَحْلِقُ إِبِطَهُ فَقَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ السُّنَّةَ نَتْفُهُ، لَكِنْ لَا أَقْوَى عَلَى الْوَجَعِ. وَفِي الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَشِيرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَرْفُوعًا " «لَا تَنْتِفُوا الشَّعْرَ الَّذِي كُوِّنَ فِي الْأَنْفِ ; فَإِنَّهُ يُورِثُ الْآكِلَةَ وَلَكِنْ قُصُّوهُ قَصًّا» " ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِلَفْظِ: خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ. . إِلَخْ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ. قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ: الْفِطْرَةُ خُمْسٌ مَعْنَاهُ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ، كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ، وَلَيْسَتِ الْفِطْرَةُ مُنْحَصِرَةً فِي الْعَشْرِ، ثُمَّ إِنَّ مُعْظَمَ هَذِهِ الْخِصَالِ سُنَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ كَالْخِتَانِ، وَلَا يُمْتَنَعُ قِرَانُ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] ، فَالْإِيتَاءُ وَاجِبٌ، وَالْأَكْلُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَالْخِتَانُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، ثُمَّ الْوَاجِبُ فِي الرَّجُلِ أَنْ يَقْطَعَ جَمِيعَ الْجِلْدَةِ الَّتِي تُغَطِّي الْحَشَفَةَ حَتَّى تَنْكَشِفَ، وَفِي الْمَرْأَةِ يَجِبُ قَطْعُ أَدْنَى جُزْءٍ مِنَ الْجِلْدَةِ الَّتِي فِي أَعْلَى الْفَرْجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>