للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤٧٩ - «وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَصْفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ حَتَّى تَمْتَلِئَ ثِيَابُهُ مِنَ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ لَهُ: لِمَ تُصْبِغُ بِالصُّفْرَةِ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا، حَتَّى عِمَامَتَهُ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ.

ــ

٤٤٧٩ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَصْفِّرُ لِحْيَتَهُ بِالصُّفْرَةِ) : أَيْ بِالْوَرْسِ وَهُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الزَّعْفَرَانَ، وَقَدْ يُخْلَطُ بِهِ كَمَا سَبَقَ (حَتَّى يَمْتَلِئَ) : بِصِيغَةِ التَّذْكِيرِ وَيُؤَنَّثُ (ثِيَابُهُ) : أَيْ مِنَ الْقِنَاعِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعَالِيهِ (مِنَ الصُّفْرَةِ فَقِيلَ: لِمَ تَصْبُغُ) : بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَيُفْتَحُ وَيُكْسَرُ (بِالصُّفْرَةِ؟) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَكَ لَمْ يَصْبُغْ. (قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ بِهَا) : أَيْ بِالصُّفْرَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ ; وَلِأَنْ يَكُونَ دَلِيلًا لِصَبْغِ ابْنِ عُمَرَ لِحْيَتَهُ، وَفِي حَاشِيَةِ الْمُوَطَّأِ لِلسُّيُوطِيِّ قِيلَ: الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَبْغُ الشَّعْرِ، وَقِيلَ: صَبْغُ الثَّوْبِ. قَالَ الْحَسَنُ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَبَغَ شَعْرَهُ، وَقَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. قُلْتُ: ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» ، وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ الْمُعَصْفَرَ وَالْمُزَعْفَرَ، فَكَيْفَ يُحْمَلُ عَلَيْهِ؟ فَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - صَبَغَ فِي وَقْتٍ، وَتَرَكَ فِي مُعْظَمِ الْأَوْقَاتِ، فَأَخَبَرَ كُلٌّ بِمَا رَأَى وَهُوَ صَادِقٌ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ كَالتَّعَيُّنِ لِلْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ اهـ. وَهُوَ نِهَايَةُ الْمُدَّعِي.

(وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ) : أَيْ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (مِنْهَا) : أَيْ مِنَ الصُّفْرَةِ فِي اللِّحْيَةِ (وَقَدْ كَانَ) : أَيِ ابْنُ عُمَرَ (يَصْبُغُ بِهَا ثِيَابَهُ كُلَّهَا، حَتَّى عِمَامَتَهُ) : وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ ثِيَابَهُ جَمِيعَهَا حَتَّى عِمَامَتَهُ تَتَصَفَّرُ مِنْ أَثَرِ تِلْكَ الصُّفْرَةِ، لَا أَنَّهُ يَصْبُغُهَا بِهَا، ثُمَّ يَلْبَسُهَا، لِمَا سَبَقَ مِنَ النَّهْيِ عَنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) . وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَصَفِّرُ لِحْيَتَهُ حِينًا، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَفِّرُونَ لِحَاهُمْ، وَكَانَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ، وَيَكْرَهُونَ الْخِضَابَ بِالسَّوَادِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَعْمَدُ أَحَدُكُمْ إِلَى نُورٍ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي وَجْهِهِ فَيُطْفِئُهُ. وَكَانَ شَدِيدَ بَيَاضِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>