٤٤٩٠ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْبَحَ يَوْمًا وَاجِمًا، وَقَالَ: " إِنَّ جِبْرَائِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِي اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَ وَاللَّهِ مَا أَخْلَفَنِي ". ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ جِرْوُ كَلْبٍ تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَهُ، فَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ مَاءً، فَنَضَحَ مَكَانَهُ، فَلَمَّا أَمْسَى لَقِيَنَا جِبْرِيلَ. فَقَالَ: " لَقَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ ". قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ، فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، حَتَّى إِنَّهُ يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ، وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٤٩٠ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ) : وَهِيَ خَالَتُهُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْبَحَ) : أَيْ دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ (يَوْمًا) : أَيْ مِنَ الْأَيَّامِ، وَهُوَ ظَرْفُ الْإِصْبَاحِ قَوْلُهُ: (وَاجِمًا) : بِكَسْرِ الْجِيمِ قَبْلَ الْمِيمِ حَالٌ أَيْ سَاكِنًا حَزِينًا مِنَ الْوُجُومِ، وَهُوَ السُّكُوتُ مِنَ الْحُزْنِ وَالْغَضَبِ. وَفِي النِّهَايَةِ: أَيْ مُهْتَمًّا وَالْوَاجِمُ الَّذِي أَسْكَنَهُ الْهَمُّ وَغَلَبَتْهُ الْكَآبَةُ، وَقَدْ وَجَمَ يَجِمُ وُجُومًا. (وَقَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ كَانَ وَعَدَنِي أَنْ يَلْقَانِيَ) : بِفَتْحِ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَيَجُوزُ إِسْكَانُهَا وَحَذْفُهَا فِي الْوَصْلِ (اللَّيْلَةَ) : ظَرْفٌ، وَعَدَّ (فَلَمْ يَلْقَنِي، أَمَ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ أَيْ أَمَا لِلتَّنْبِيهِ وَحُذِفَتِ الْأَلِفُ تَخْفِيفًا: أَيْ أَمَا (وَاللَّهِ، مَا أَخْلَفَنِي) : أَيْ جِبْرِيلُ فِي الْوَعْدِ قَبْلَ ذَلِكَ قَطُّ. (ثُمَّ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ) : أَيْ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (جِرْوُ كَلْبٍ) : بِكَسْرِ جِيمٍ وَسُكُونِ رَاءٍ فَوَاوٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْجِرْوُ مُثَلَّثَةٌ وَلَدُ الْكَلْبِ، وَالْمَعْنَى خَطَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ جِبْرِيلَ إِنَّمَا لَمْ يَأْتِهِ اللَّيْلَةَ لِلْجِرْوِ الَّذِي رَآهُ (تَحْتَ فُسْطَاطٍ لَهُ) : بِضَمِّ الْفَاءِ نَوْعٌ مِنَ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَخْبِيَةِ، وَالْمُرَادُ هُنَا السَّرِيرُ، (فَأَمَرَ بِهِ) : أَيْ بِإِخْرَاجِ الْجِرْوِ (فَأُخْرِجَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ. أَيِ الْجِرْوُ (ثُمَّ أَخَذَ) : أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِيَدِهِ مَاءً، فَنَضَحَ) : أَيْ رَشَّ أَوْ غَسَلَ غَسْلًا خَفِيفًا (مَكَانَهُ) : أَيْ مَرْقَدَ الْجِرْوِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ أَنَّ مَنْ تَكَدَّرَ وَقْتُهُ وَتَنَكَّدَتْ وَظِيفَتُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَفَكَّرَ فِي سَبَبِهِ، كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا حَتَّى الْكَلْبُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ التَّنْزِيلُ بُقُولِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} [الأعراف: ٢٠١] ، (فَلَمَّا أَمْسَى) : أَيْ دَخَلَ الْمَسَاءُ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ (لَقِيَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ) : أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِيَ الْبَارِحَةَ قَالَ: أَجَلْ) : بِسُكُونِ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ نَعَمْ (وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَئِذٍ فَأَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ) : أَيْ جَمِيعُهَا فِي سَائِرِ أَمَاكِنِهَا (حَتَّى إِنَّهُ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ أَوْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ) : أَيِ الْبُسْتَانِ (الصَّغِيرِ) : لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ حِرَاسَةَ الْكَلْبِ لِصِغَرِهِ (وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ) : لِعُسْرِ حِفْظِهِ بِلَا كَلْبٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: يَأْمُرُ حِكَايَةُ حَالٍ مَاضِيَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَيَتْرُكُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا مَرَّ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ وَصْفِ الْحَائِطِ بِالْكَبِيرِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ عَمِلَ بِالْمَفْهُومِ نَحْوَ: فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ، قُلْتُ: فَرْقٌ بَيْنَ الْعَمَلِ بِالْقَيْدِ وَبَيْنَ الْعَمَلِ بِالْمَفْهُومِ، وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ، وَإِلَّا لَكَانَ فِي الْكَلَامِ تَكْرَارٌ لِلْوَاصِلِ، وَتَحْصِيلٌ لِلْحَاصِلِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ: يَأْمُرُ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ، مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ كَلْبِ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ، بَلْ يَتْرُكُهُ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَيَتْرُكُ كَلْبَ الْحَائِطِ الْكَبِيرِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ كَلْبَ الْحَائِطِ الصَّغِيرِ، بَلْ يَأْمُرُ بِقَتْلِهِ فَافْهَمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute