للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أُولَى: وَأُخْرَى اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ فِي كَوْنِ لَفْظِهِ مِنْ كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ أَفْصَحُ لُغَةً وَأَقْيَسُ صِنَاعَةً، وَهُوَ لَا يُنَافِي كَوْنَ كِتَابِ الْبُخَارِيِّ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ أَنَّهُ أَصَحُّ رِوَايَةً وَأَقْوَى دِرَايَةً. أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ قَدْ يَنْفَرِدُ بِقِرَاءَةٍ هِيَ أَفْصَحُ لُغَةً مِنْ سَائِرِ الْقِرَاءَاتِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَالْحَاصِلُ جَوَازُ الْفَصِيحِ، وَالْأَفْصَحُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى، وَكَذَا فِي كَلَامِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا كَوْنُ أَحَدِهِمَا مَرْوِيًّا مِنْ طَرِيقِ الْأَصَحِّ أَوْ بِسَنَدِ الْأَكْثَرِ، فَأَمْرٌ آخَرُ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ فِي أَعْلَامِ السُّنَنِ، وَهُوَ شَرْحُ الْبُخَارِيِّ، وَفِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ تُؤْذِنُ أَنَّهَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّ مَعْنَى السَّائِرِ الْبَقِيَّةُ مِنَ الشَّيْءِ، كَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ ; لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنَ السُّؤْرِ اهـ.

وَهُوَ بَحْثٌ عَجِيبٌ وَاعْتِرَاضٌ غَرِيبٌ ; لِأَنَّ السَّائِرَ يَأْتِي بِمَعْنَى الْجَمِيعِ، وَيَأْتِي بِمَعْنَى الْبَاقِي وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَظْهَرُ، وَهُوَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مُتَعَيَّنٌ فَتَدَبَّرْ، لَكِنَّ كَوْنَ مُرَادَ الْخَطَّابِيِّ بَاقِي رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ، فَفِيهِ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّهُ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ يَحْتَاجُ إِلَى تَتَبُّعِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَيُبْنَى هَذَا الْمَعْنَى عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْمَبْنَى، وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ أَيْضًا، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنَّ بَعْضَ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا أَفْصَحُ مِنْ بَعْضٍ وَأَقْيَسُ رِوَايَةً وَدِرَايَةً، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>