للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٥٦٢ - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. قَالَ: فَلُبِطَ سَهْلٌ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؟ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ. قَالَ: " هَلْ تَتَّهِمُونَ لَهُ أَحَدًا ". فَقَالُوا: نَتَّهِمُ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ. قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامِرًا، فَتُغُلِّظَ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ أَلَا بَرَّكْتَ؟ اغْتَسِلْ لَهُ) . فَغَسَلَ لَهُ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صُبَّ عَلَيْهِ، فَرَاحَ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ "

ــ

٤٥٦٢ - (وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) بِالتَّصْغِيرِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَوْسِيٌّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ وَفَاتِهِ بِعَامَيْنِ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ سَمَّاهُ بِاسْمِ جَدِّهِ لِأُمِّهِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، وَكَنَّاهُ بِكُنْيَتِهِ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْءٌ لِصِغَرِهِ، وَلِذَلِكَ قَدْ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي الَّذِينَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، وَأَثْبَتَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الصَّحَابَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ أَحَدُ الْجُلَّةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَمِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ، سَمَعَ أَبَاهُ وَأَبَا سَعِيدٍ وَغَيْرَهُمَا. وَرَوَى عَنْهُ نَفَرٌ، مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ، وَلَهُ اثْنَانِ وَتِسْعُونَ سَنَةً. (قَالَ: رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِيَّ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَشَهِدَ بَدْرًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَكَانَ أَسْلَمَ قَدِيمًا، رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ، مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ. (سَهْلُ بْنُ حَنِيفٍ) : وَهُوَ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْمَشَاهِدَ كُلَّهَا، وَثَبَتَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، وَصَحِبَ عَلِيًّا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ، ثُمَّ وَلَّاهُ فَارِسَ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ أَبُو أُمَامَةَ وَغَيْرُهُ، مَاتَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ.

(يَغْتَسِلُ) : أَيْ حَالُ كَوْنِ سَهْلٍ يَغْتَسِلُ وَبَعْضُ بَدَنِهِ مَكْشُوفٌ (فَقَالَ) : أَيْ عَامِرٌ (وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ فَهَمْزَةٍ مِنَ التَّخْبِيَةِ وَهُوَ السِّتْرُ، وَهِيَ الْجَارِيَةُ الَّتِي فِي خِدْرِهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدُ، لِأَنَّ صِيَانَتَهَا أَبْلَغُ مِمَّنْ قَدْ تَزَوَّجَتْ وَجِلْدُهَا أَنْعَمُ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ هُوَ مَفْعُولُ رَأَيْتُ أَيْ مَا رَأَيْتُ جِلْدًا غَيْرَ مُخَبَّأٍ كَجِلْدِ، رَأَيْتُ الْيَوْمَ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَعَلَى هَذَا كَالْيَوْمِ صِفَةٌ، وَإِذَا قُدِّرَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ مُؤَخَّرًا كَانَ حَالًا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَأَوْضَحُ مِنْهُ كَلَامُ ابْنِ الْمَلَكِ أَنَّ الْكَافَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ: مَا رَأَيْتُ فِي وَقْتٍ مَا جِلْدَ غَيْرَ مُخْبَّأَةٍ، أَوْ مَا رَأَيْتُ جِلْدَ رَجُلٍ فِي اللَّطَافَةِ وَلَا جِلْدَ مُخْبَّأَةٍ فِي الْبَيَاضِ وَالنُّعُومَةِ مِثْلَ رُؤْيَتَيَ الْيَوْمَ أَيْ مِثْلُ الْجِلْدِ الَّذِي رَأَيْتُهُ الْيَوْمَ، وَهُوَ جِلْدٌ سَهْلٌ لِأَنَّ جِلْدَهُ كَانَ لَطِيفًا اهـ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مَا رَأَيْتُ يَوْمًا كَهَذَا الْيَوْمِ، وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ كَهَذَا الْجِلْدِ، وَهُوَ أَقْرَبُ مَأْخَذًا وَأَبْعَدُ تَكَلُّفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>