كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنْ كَانَ لِأَحَدِكُمْ دَارٌ يَكْرَهُ سُكْنَاهَا، أَوِ امْرَأَةٌ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا، أَوْ فَرَسٌ لَا تُعْجِبُهُ، فَلْيُفَارِقْهَا بِأَنْ يَنْتَقِلَ عَنِ الدَّارِ، وَيُطَلِّقَ الْمَرْأَةَ، وَيَبِيعَ الْفَرَسَ حَتَّى يَزُولَ عَنْهُ مَا عَدَّهُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكَرَاهَةِ، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي دَارٍ كَثُرَ فِيهِ عَدَدُنَا إِلَخْ. " ذَرُوهَا ذَمِيمَةً» فَأَمَرَهُمْ بِالتَّحَوُّلِ عَنْهَا، لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِيهَا عَلَى اسْتِثْقَالٍ لِظِلِّهَا وَاسْتِيحَاشٍ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِانْتِقَالِ عَنْهَا لِيَزُولَ عَنْهُمْ مَا يَجِدُونَ مِنَ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي ذَلِكَ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَغْيِيرَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الطِّيَرَةِ الْمَنْهِيَّةِ، بَلْ جَائِزَةٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ تَشَبُّهٌ بِالتَّطَيُّرِ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . وَفِي الْجَامِعِ: " «إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالْمَرْأَةِ، وَالْفَرَسِ» ". رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute