أَيْ وَلَا تَأْثِيرَ مِنْهُ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ نَفْيٌ لِلتَّطَيُّرِ بِالْبُرْهَانِ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَطَيَّرُوا كَمَا قَالَ: فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ، يَعْنِي: لَا تَطَيُّرَ، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ لَا وُجُودَ لَهَا، بَلْ هِيَ شَيْءٌ يُوجَدُ فِي النُّفُوسِ الْبَشَرِيَّةِ، وَمَا يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ قِبَلِ الظُّنُونِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ ضَرَرٌ (فَلَا يَصُدَنَّكُمْ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِّ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: لَا يَمْنَعُكُمُ التَّطَيُّرُ عَنِ الْمُضِيِّ فِي حَاجَتِكُمْ، وَعَنِ الْأَمْرِ الَّذِي قَصَدْتُمْ فِي خَاطِرِكُمْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مِنْ بَابِ: لَا أَرَيَنَّكَ هَهُنَا، فَإِنَّهُ نَهَى مَا يَجِدُ فِي النَّفْسِ عَنِ الصَّدِّ، وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَنْهِيُّ هُمُ الْمُخَاطَبُونَ عَنِ التَّعَرُّضِ لَهُ. (قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يُخْطِئُونَ) . بِضَمِّ الْخَاءِ وَالطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: قَدْ غَيَّرَ النَّسَقَ فِي التَّفْصِيلِ لِيَدُلَّ بِهِ عَلَى امْتِيَازِ أُولَئِكَ الرِّجَالِ الَّذِينَ خَطُّوا مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِبَقِيَّةِ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ مَضَى بَحْثُهُ فِيمَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ. (قَالَ: كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ) : قِيلَ: دَانْيَالُ وَقِيلَ: إِدْرِيسُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ (يَخُطُّ) أَيْ: بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ أَوْ عِلْمٍ لَدُنِّيٍّ (فَمَنْ وَافَقَ) أَيْ: خَطُّهُ (خَطَّهُ) : بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ فَالْمَفْعُولُ مُقَدَّرٌ (فَذَاكَ) أَيْ: مُصِيبٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ حَرَامٌ ; لِأَنَّ الْمُوَافَقَةَ مَعْدُومَةٌ أَوْ مَوْهُومَةٌ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute