للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٠١ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَّهُمْ بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُمِيَ بِنَجْمٍ وَاسْتَنَارَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟ " قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ، وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنَّهَا لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَا قَالَ فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَيَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ، فَيَقْذِفُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، وَيُرْمَوْنَ، فَمَا جَاءُوا بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَهُوَ حَقٌّ، وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ فِيهِ وَيَزِيدُونَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٤٦٠١ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ) أَيِ: الْأَصْحَابُ (بَيْنَا هُمْ جُلُوسٌ) أَيْ: ذَوُو جُلُوسٍ أَوْ جَالِسُونَ (لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ: مُصَاحِبِينَ لَهُ (رُمِيَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: قُذِفَ (بِنَجْمٍ وَاسْتَنَارَ) أَيِ: الْجَوُّ بِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ جَوَابُ بَيْنَا وَلَمْ يُؤْتَ بِإِذْ كَمَا يَسْتَفْصِحُهُ الْأَصْمَعِيُّ وَأَنْشَدَ:

وَبَيْنَا نَحْنُ نَرْقُبُهُ أَتَانَا.

(وَهُمْ جُلُوسٌ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ ; لِأَنَّ بَيْنَا وَبَيْنَمَا يَسْتَدْعِيَانِ أَنْ يَلِيَهُمَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ، وَبَيْنَا مَعَ الْجَوَابِ خَبَرُ إِنَّ (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا رُمِيَ بِمِثْلِ هَذَا؟) : وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ سُؤَالُهُ لِلِاسْتِعْلَامِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، بَلْ لِأَنْ يُجِيبُوا عَمَّا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَيُزِيلُهُ عَنْهُمْ وَيُقْلِعُهُ عَنْ أَصْلِهِ. (قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، كُنَّا نَقُولُ: وُلِدَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يُولَدُ (اللَّيْلَةَ رَجُلٌ عَظِيمٌ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ (وَمَاتَ رَجُلٌ عَظِيمٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى " أَوْ "، أَوِ الْمَعْنَى: كُنَّا نَقُولُ تَارَةً كَذَا وَأُخْرَى كَذَا. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِنَّهَا) أَيِ: النُّجُومُ بِدَلَالَةِ النَّجْمِ الْمُرَادِ بِهِ الْجِنْسُ (لَا يُرْمَى بِهَا لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ) أَيْ: وَلَا لِحَيَاةِ أَحَدٍ آخَرَ (وَلَكِنَّ رَبَّنَا تَبَارَكَ اسْمُهُ) أَيْ: تَكَاثَرَ خَيْرُ اسْمِهِ فَكَيْفَ مُسَمَّاهُ (إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ، ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ) أَيْ: صَوْتُهُ أَوْ نَوْبَتُهُ (أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا) قَالَ الطِّيبِيُّ: فَإِذَا قُلْتَ: الدُّنْيَا صِفَةٌ لِلسَّمَاءِ وَالسَّمَاءُ صِفَةٌ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ، فَكَيْفَ يَصِحُّ وَصْفُ الْوَصْفِ؟ قُلْتُ: إِنَّمَا لَا يَصِحُّ حَيْثُ كَانَتِ الصِّفَةُ مَفْهُومًا لَا ذَاتًا وَأَوْصَافُ اسْمِ الْإِشَارَةِ ذَوَاتٌ فَيَصِحُّ وَصْفُهَا. (ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ) : بِضَمِّ اللَّامِ أَيْ: يَقْرُبُونَ (حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ) : وُضِعَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ رَجْعُ الضَّمِيرِ لِبَعْضِ الَّذِينَ يَلُونَ (مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ فَيُخْبِرُونَهُمْ مَا قَالَ) أَيْ: بِمَا قَالَ تَعَالَى (فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ) أَيِ: التَّحْتَانِيَّةُ (بَعْضًا) أَيْ: مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ الْفَوْقَانِيَّةِ (حَتَّى يَبْلُغَ) أَيْ: يَصِلُ الْخَبَرُ (هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا) أَيْ أَهْلَهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ (فَيَخْطَفُ الْجِنُّ السَّمْعَ) أَيِ الْمَسْمُوعَ، وَضَبْطُ الْفِعْلِ بِالتَّذْكِيرِ وَفَتْحِ الطَّاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّأْنِيثِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، فَفِي الْقَامُوسِ: خَطَفَ. كَسَمَعَ وَضَرَبَ وَهَذِهِ قَلِيلَةٌ أَوْ رَدِيئَةٌ اسْتَلَبَهُ وَالشَّيْطَانُ السَّمْعَ اسْتَرَقَهُ كَاخْتَطَفَهُ (فَيَقْذِفُونَ) أَيِ: الْجِنُّ يَرْمُونَ مَسْمُوعَ الْمَلَائِكَةِ (إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) مِنَ الْكَهَنَةِ وَالْمُنَجِّمِينَ (وَيُرْمَوْنَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ: الْجِنُّ يُقْذَفُونَ بِالشُّهُبِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَقْذِفُونَ، وَهَذَا رَمْيُهُمْ بِالشِّهَابِ بَعْدَ إِلْقَائِهِمُ الْكَلِمَةَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ، وَهُوَ إِحْدَى الْحَالَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ. قُلْتُ: الْأَظْهَرُ أَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ، فَالرَّمْيُ شَامِلٌ لِلْحَالَتَيْنِ (فَمَا جَاءُوا) أَيْ: أَوْلِيَاؤُهُمْ (بِهِ عَلَى وَجْهِهِ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِيهِ (فَهُوَ حَقٌّ) أَيْ: كَائِنٌ وَاقِعٌ (وَلَكِنَّهُمْ يَقْرِفُونَ) : بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: يَكْذِبُونَ (فِيهِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: عَدَّاهُ بِفِي عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى الْكَذِبِ اهـ. فَفِي الْقَامُوسِ: قَرَفَ عَلَيْهِمْ بَغَى، وَلِعِيَالِهِ كَسَبَ وَخَلَطَ وَكَذَبَ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ هُنَا يُوقِعُونَ الْكَذِبَ فِي الْمَسْمُوعِ الصَّادِقِ، وَيَخْلِطُونَهُ وَلَا يَتْرُكُونَهُ عَلَى وَجْهٍ غَالِبًا (وَيَزِيدُونَ) . أَيْ: دَائِمًا كِذْبَاتٍ أُخَرَ مُنْضَمَّةً إِلَيْهِ. (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>