للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٦١٢ - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ؟ فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثُ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٦١٢ - (وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلْمُ) : بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَيُضَمُّ، مَا يُرَى فِي الْمَنَامِ مِنَ الْخَيَالَاتِ الْفَاسِدَةِ (مِنَ الشَّيْطَانِ) : أَضَافَهَا إِلَيْهِ لِكَوْنِهَا عَلَى مُرَادِهِ. وَفِي النِّهَايَةِ: الْحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ، لَكِنْ غَلَبَتِ الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ، وَغَلَبَ الْحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ، وَالْأَمْرِ الْقَبِيحِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} [يوسف: ٤٤] ، وَيُسْتَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ وَتُضَمُّ لَامُ الْحُلْمِ وَتُسَكَّنُ اهـ. لَكِنْ أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بِمَعْنَى: أَخْلَاطُهَا حَيْثُ خُلِطَ بَعْضُ مَا يَدُلُّ عَلَى الْخَيْرِ بِبَعْضِ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّرِّ، فَحِينَئِذٍ يَعْجِزُ عَنْهُ أَكْثَرُ الْمُعَبِّرِينَ الَّذِينَ هُمْ لَيْسُوا بِحَاذِقِينَ بِخِلَافِ الْحُلْمِ الْخَاصِّ بِالْخَيْرِ أَوِ الشَّرِّ، فَإِنَّهُ يُدْرِكُهُ الْمُعَبِّرُ وَقَدْ يُدْرِكُهُ غَيْرُهُ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ، وَلِذَا قَالَ الْمُعَبِّرُونَ فِي زَمَنِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ} [يوسف: ٤٤] أَيْ: تِلْكَ الْأَحْلَامِ (بِعَالِمِينَ) ، أَوْ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ مُطْلَقًا، فَإِنَّ مَا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمُعَبِّرُ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الْأَحْلَامِ، وَلِذَا كَادَ أَنْ يَقْرُبَ تَأْوِيلُهُ إِلَى الْمُعْجِزَةِ أَوِ الْكَرَامَةِ، وَلِذَا مَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى يُوسُفَ بِقَوْلِهِ: {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: ٦] وَعَمَّمَ هَذِهِ الْمِنَّةِ عَلَى نَبِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمِيعِهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: ١١٣] زَادَهُ تَبْجِيلًا وَتَكْرِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا، وَسَيَأْتِي بَعْضُ تَأْوِيلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَعْضِ أَحْلَامِهِ، أَوْ أَحْلَامِ بَعْضِ أَعْلَامِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: اللَّهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الْخَالِقُ لِلرُّؤْيَا وَالْحُلْمِ، لَكِنْ جَعَلَ الرُّؤْيَا وَالِاعْتِقَادَاتِ الَّتِي هِيَ أَعْلَامٌ عَلَى مَا يَسُرُّ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الشَّيْطَانِ مَحْبُوبَةً، وَجَعَلَ مَا هُوَ عَلَامَةٌ عَلَى مَا يَضُرُّ بِحَضْرَةِ الشَّيْطَانِ مَكْرُوهَةً، فَتُنْسَبُ إِلَى الشَّيْطَانِ مَجَازًا لِحُضُورِهِ عِنْدَهَا، لَا عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، وَقِيلَ: إِضَافَةُ الرُّؤْيَا الْمَحْبُوبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ، وَإِضَافَةُ الْمَكْرُوهَةِ إِلَى الشَّيْطَانِ ; لِأَنَّهُ يَرْضَاهَا وَيُسَرُّ بِهَا. (فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ) : بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَيُسَكَّنُ، أَيْ: فَلَا يَحْكِي وَلَا يُخْبِرْ بِهِ. (إِلَّا مَنْ يُحِبُّ) أَيْ: مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ وَالْأَقْرِبَاءِ، وَيَحْمَدَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ: «إِذَا رَأَى فِي مَنَامِهِ مَا يُحِبُّ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ» . (وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ) أَيْ: فَلَا يَلْتَفِتْ إِلَى غَيْرِهِ سُبْحَانَهُ، وَلْيَلْتَجِئْ إِلَيْهِ وَلْيَسْتَعِذْ بِهِ (مِنْ شَرِّهَا) أَيْ: شَرِّ تِلْكَ الرُّؤْيَا الْفَاسِدَةِ (وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ) : أَيِ: الَّذِي يَفْرَحُ بِهَا وَيُلْقِي الْوَسْوَسَةَ إِلَى صَاحِبِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>