للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٤٨ - وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ، وَيُجْزِئُ عَنِ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ " مَرْفُوعًا. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: رَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَهُوَ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ.

ــ

٤٦٤٨ - (وَعَنْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يُجْزِئُ) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّايِ بَعْدَهُ هَمْزٌ، أَيْ: يَكْفِي (عَنِ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا) : وَكَذَا إِذَا دَخَلُوا أَوْ وَقَفُوا عَلَى جَمْعٍ أَوْ عَلَى أَحَدٍ (أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ) ، أَيْ: أَحَدُ الْمَارِّينَ وَنَحْوُهُمْ، وَاعْلَمْ أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَهِيَ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً كَفَى عَنْهُمْ تَسْلِيمٌ وَاحِدٌ وَلَوْ سَلَّمُوا كُلُّهُمْ كَانَ أَفْضَلَ.

قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَيْسَ لَنَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ إِلَّا هَذَا. قُلْتُ: وَهَذَا مُطَابِقٌ لِمَذْهَبِنَا. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ أَيْضًا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ فِي حَقِّ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فَإِذَا ضَحَّى وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَصَلَ الشِّعَارُ، وَالسُّنَّةُ لِجَمِيعِهِمْ. قُلْتُ: التَّشْمِيتُ فَرْضُ كِفَايَةٍ عِنْدَنَا، وَالْأُضْحِيَّةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُوسِرِ بِشُرُوطٍ لَا عَلَى طَرِيقِ الْكِفَايَةِ فِي مَذْهَبِنَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ فِي الْأَكْلِ سُنَّةُ كِفَايَةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (وَيُجْزِئُ عَنِ الْجُلُوسِ) أَيْ: ذَوِي الْجُلُوسِ أَوِ الْجَالِسِينَ، وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانُوا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْجُلُوسَ ; لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى جَمْعٍ مُجْتَمِعِينَ مَعَ الْإِشْعَارِ بِأَنَّ الْقَائِمَ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الْقَاعِدِ، ثُمَّ الْمَعْنَى وَيَكْفِي (أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ) : وَهَذَا فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَوْ رَدُّوا كُلُّهُمْ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا هُوَ شَأْنُ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ كُلِّهَا. (رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي: " شُعَبِ الْإِيمَانِ " مَرْفُوعًا) أَيْ: بِلَا تَرَدُّدٍ وَخِلَافٍ (وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ) ، أَيْ: رَوَاهُ مَوْقُوفًا (وَقَالَ) أَيْ: أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ تَمَامِ سَنَدِهِ (رَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) ، أَيْ: أَحَدُ مَشَايِخِهِ لَا حَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَمَا يُتَوَهَّمُ (وَهُوَ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ) .

قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ أَرَادَ أَنَّ إِسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا، وَرَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ شَيْخُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَفَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: يُجْزِئُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، الْحَدِيثَ.

قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ أَبَا دَاوُدَ أَرَادَ أَنَّ شَيْخَهُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَفَعَهُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ، وَإِلَّا فَالسَّنَدُ الْمَذْكُورُ ظَاهِرُهُ الْمَوْقُوفُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَرَفَعَهُ جُمْلَةً حَالِيَّةً مُبَيِّنَةً لِلْإِسْنَادِ السَّابِقِ، كَمَا يُقَالُ مَثَلًا: رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا. وَلَعَلَّ وَجْهَ الْإِبْهَامِ عَدَمُ التَّذَكُّرِ بِكَيْفِيَّةِ الرَّفْعِ هَلْ هُوَ بِعِبَارَةِ السَّمَاعِ أَوْ بِلَفْظِ الْقَوْلِ أَوْ بِعَنْ وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ ثُمَّ عَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ أَنَّ الْحَدِيثَ رُوِيَ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَصِيرُ مَرْفُوعًا ; لِأَنَّ زِيَادَةَ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ عَلَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَوْقُوفِ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ ; لِأَنَّهُ مِنْ فُرُوعِ الْمَشْرُوعِ، ثُمَّ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْمَصَابِيحِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَفَعَهُ. أَقُولُ: وَفِيهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى سَنَدِ الْبَيْهَقِيِّ، فَإِنَّهُ مَرْفُوعٌ بِلَا خِلَافٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>