للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٧ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( «إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، أُعَلِّمُكُمْ: إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا) وَأَمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ. وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ. وَنَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ.

ــ

٣٤٧ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ) : أَيْ: مَا أَنَا لَكُمْ إِلَّا مِثْلُ الْوَالِدِ فِي الشَّفَقَةِ (لِوَلَدِهِ، أُعَلِّمُكُمْ) : أَيْ: أُمُورَ دِينِكُمُ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْكَلَامُ بَسْطٌ لِلْمُخَاطَبِينَ وَتَأْنِيسٌ لَهُمْ لِئَلَّا يَحْتَشِمُوا وَلَا يَسْتَحْيُوا عَنْ مَسْأَلَةٍ فِيمَا يَعْرِضُ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ كَالْوَلَدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْوَالِدِ فِيمَا يَعِنُّ لَهُ، وَفِي هَذَا بَيَانُ وُجُوبِ طَاعَةِ الْآبَاءِ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ تَأْدِيبُ أَوْلَادِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ دِينِهِمْ (إِذَا أَتَيْتُمُ الْغَائِطَ) أَيِ: الْخَلَاءَ أَوْ أَرَدْتُمْ قَضَاءَ الْحَاجَةِ بَوْلًا أَوْ غَائِطًا ( «فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا» ) : أَيْ: مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُنَا، وَتَقْيِيدُهُ بِالْبُنْيَانِ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِهِ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَاقِعَةُ حَالٍ لَا تُفِيدُ الْعُمُومَ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِدْبَارِ فِي الْبُنْيَانِ جَوَازُ الِاسْتِقْبَالِ فِيهِ (وَأَمَرَ) : أَيْ: هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرِيدَ الِاسْتِنْجَاءِ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ (بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ) : أَيْ: بِأَخْذِهَا أَوْ بِاسْتِعْمَالِهَا لِلِاسْتِنْجَاءِ ( «وَنَهَى عَنِ الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ» ) : أَيْ: عَنِ اسْتِعْمَالِهِمَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَالرَّوْثِ السِّرْجِينِ. قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ نَجِسٍ، وَالرِّمَّةُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ الْعِظَامُ الْبَالِيَةُ جَمْعُ رَمِيمٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَرُمُّهَا أَيْ تَأْكُلُهَا، وَالرُّمَّةُ بِضَمِّ الرَّاءِ الْحَبْلُ الْبَالِي كَذَا فِي الْأَزْهَارِ نَقَلَهُ السَّيِّدُ، وَفِي الْفَائِقِ الرُّمَّةُ الْعَظْمُ الْبَالِي بِمَعْنَى الرَّمِيمِ، أَوْ جَمْعُ رَمِيمٍ كَخَلِيلِ وَخُلَّةٍ، مِنْ رَمَّ الْعَظْمُ إِذَا بَلِيَ، قِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْعَظْمِ. وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: لِأَنَّهَا كَانَتْ مَيْتَةً أَيْ مَجَسُّهُ أَوْ أَنَّهَا لِمَلَاسَتِهَا لَا تُقْلِعُ النَّجَاسَةَ أَوْ لِأَنَّهَا تَجْرَحُ الْبَدَنَ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ تَخْصِيصُ النَّهْيِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ يَجُوزُ بِكُلِّ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَحْجَارِ فِي الْإِنْقَاءِ وَهُوَ كُلُّ جَامِدٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ لِلنَّجَاسَةِ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ مِنْ مَدَرٍ وَخَشَبٍ وَخِرَقٍ وَخَزَفٍ اهـ. قَالُوا: وَالْكَاغِدُ وَإِنْ كَانَ بَيَاضًا فَهُوَ مُحْتَرَمٌ إِلَّا إِذَا كُتِبَ عَلَيْهِ نَحْوَ الْمَنْطِقِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ ( «وَنَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ» ) : أَيْ يَسْتَنْجِيَ (الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ) . وَكَذَا الْمَرْأَةُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: سُمِّيَ الِاسْتِنْجَاءُ اسْتِطَابَةً لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَتَطْهِيرِهَا (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَأَبُو دَاوُدَ (وَالدَّارِمِيُّ) بِسَنَدٍ حَسَنٍ، وَرَوَى أَحْمَدُ نَحْوَهُ. قَالَ مِيرَكُ شَاهْ. وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالنَّسَائِيُّ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مُخْتَصَرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>