للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٨٣ - وَعَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَافِحُكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ؟ قَالَ: مَا لَقِيتُهُ قَطُّ إِلَّا صَافَحَنِي، وَبَعَثَ إِلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي، فَلَمَّا جِئْتُ أُخْبِرْتُ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ، فَالْتَزَمَنِي، فَكَانَتْ تِلْكَ أَجْوَدَ وَأَجْوَدَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٦٨٣ - (وَعَنْ أَيُّوبَ بْنِ بُشَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ مُعْجَمَةٍ وَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ فَرَاءٍ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَنَزَةَ) : بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَنُونٍ فَزَايٍ مَفْتُوحَاتٍ، قَبِيلَةٌ شَهِيرَةٌ (أَنَّهُ) أَيِ: الرَّجُلُ (قَالَ: «قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَافِحُكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ؟» ) أَيْ: يَقْبَلُ مُصَافَحَتَكُمْ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا ; لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ مُبَادِئًا لِلْمُصَافَحَةِ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى بَابِ الْمُفَاعَلَةِ لَا غَالِبًا وَلَا دَائِمًا مُسْتَمِرًّا.

(قَالَ) أَيْ: أَبُو ذَرٍّ (مَا لَقِيتُهُ قَطُّ إِلَّا صَافَحَنِي، وَبَعَثَ إِلَيَّ) أَيْ: إِلَى طَلَبِي (ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي، فَلَمَّا جِئْتُ) أَيْ: رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي (أُخْبِرْتُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ) : قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: قَدْ يُعَبَّرُ بِالسَّرِيرِ عَنِ الْمُلْكِ وَالنِّعْمَةِ، فَالسَّرِيرُ هُنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُلْكَ النُّبُوَّةِ وَنِعْمَتَهَا، وَقِيلَ: هُوَ السَّرِيرُ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ يَتَّخِذُهُ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ مِصْرَ لِلنَّوْمِ فِيهِ وَتَوَقِّيًا مِنَ الْهَوَامِّ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا قِيلَ كَمَا لَا يَخْفَى. (فَالْتَزَمَنِي) أَيْ: فَعَانَقَنِي، وَلَمَّا كَانَ الِالْتِزَامُ بِمَعْنَى الْمُعَانَقَةِ قَالَ: (فَكَانَتْ تِلْكَ) : أَيِ: الْمُعَانَقَةُ، وَقِيلَ الِالْتِزَامُ ; لِأَنَّ الْمَصْدَرَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ (أَجْوَدَ) أَيْ: مِنَ الْمُصَافَحَةِ فِي إِفَاضَةِ الرُّوحِ وَالرَّاحَةِ، أَوْ أَحْسَنَ - مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَنْصُرُهُ عَدَمُ ذِكْرِ مُتَعَلِّقِ أَفْعَلَ لِيَعُمَّ، وَيُؤَيِّدُهُ تَأْكِيدُهُ مُكَرَّرًا بِقَوْلِهِ: (وَأَجْوَدَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْوَاوُ لِلتَّعَاقُبِ بِمَنْزِلَةِ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِمُ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ اهـ. وَفِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ، فَإِنَّ الْوَاوَ هُنَا عَاطِفَةٌ لِتَأْكِيدِ نِسْبَةِ الْإِسْنَادِ بِخِلَافِ الْفَاءِ فِي الْأَمْثَلِ، فَإِنَّهُ لِلتَّعْقِيبِ الرُّتَبِيِّ فِي الْأَمْرِ الْإِضَافِيِّ، ثُمَّ الْأَجْوَدُ أَنْ يُقَالَ: التَّقْدِيرُ تِلْكَ أَجْوَدُ مِنَ الْمُصَافَحَةِ وَأَجْوَدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>