للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦٨٥ - «وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ - قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ - وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ - بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَاصِرَتِهِ بِعُودٍ، فَقَالَ: أَصْبِرْنِي. قَالَ: " أَصْطَبِرُ " قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَمِيصِهِ، فَاحْتَضَنَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ، قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٦٨٥ - (وَعَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : بِالتَّصْغِيرِ فِيهِمَا أَنْصَارِيٌّ أَوْسِيٌّ، كَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَشَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ. رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ عِشْرِينَ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ (رَجُلٌ) : بِالرَّفْعِ. وَفِي نُسْخَةٍ بِالْجَرِّ. قَالَ الْأَشْرَفُ: فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَصَابِيحِ اضْطِرَابٌ، وَجَامِعُ الْأُصُولِ يُنْبِئُ عَنْهُ وَهُوَ فِيهِ، هَكَذَا عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ: «أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ فِيهِ مُزَاحٌ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ يُضْحِكُهُمْ، إِذْ طَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُودٍ كَانَ فِي يَدِهِ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبِرْنِي. قَالَ: اصْطَبِرْ» إِلَخْ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ هُوَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَلَا يَجُوزُ جَرُّ رَجُلٍ، بَلْ هُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَمُخَصِّصِهُ قَوْلُهُ: (مِنَ الْأَنْصَارِ) : وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: (قَالَ) : مَعَ فَاعِلِهِ الْمُسْتَكِنِّ فِيهِ (بَيْنَمَا) : ظَرْفٌ لِقَالَ، قُلْتُ: وَضَمِيرُ (هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ) : لِلرَّجُلِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الضَّمَائِرِ مِنْ قَوْلِهِ: (وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ) : إِلَخْ. وَالْمُزَاحُ بِالضَّمِّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْكَسْرِ، قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: هُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ اسْمُ الْمِزَاحِ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْمَصْدَرُ، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ، وَأَمَّا الْمِزَاحُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ مَصْدَرُ مَازَحَهُ، وَالْمَفْهُومُ مِنَ الْقَامُوسِ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ إِلَّا أَنَّ الضَّمَّ مَصْدَرٌ لِمُجَرَّدٍ، وَالْكَسْرَ مَصْدَرٌ لِمَزِيدِ، هَذَا وَقَالَ الْأَشْرَفُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: فِيهِ لِلرَّجُلِ، وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ يُحَدِّثُ وَقَعَتْ بَيْنَ قَوْلِهِ: يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: يُضْحِكُهُمْ. قُلْتُ: وَفِي الْمَتْنِ (بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ) : قَالَ وَقَوْلُهُ: بَيْنَا مَعَ مَا بَعْدَهُ مَقُولٌ لِقَالَ وَبَيْنَا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: طَعَنَهُ أَوْ لِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ الظَّاهِرُ، وَالتَّقْدِيرُ بَيْنَا يُضْحِكُهُمْ فَأَضْحَكَهُمْ (فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يُضْحِكُهُمْ. اهـ كَلَامُ الْأَشْرَفِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: الْحَدِيثُ عَلَى مَا هُوَ فِي الْمَتْنِ وَالْمَصَابِيحِ مُثْبَتٌ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَفِي نُسْخَةٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، فَبَقِيَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي طَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَاصِرَتِهِ، هَلْ هُوَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ أَوْ غَيْرُهُ؟ فَعَلَى مَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ هُوَ غَيْرُهُ، وَعَلَى مَا فِي شَرْحِ السُّنَّةِ أَنَّهُ هُوَ وَلَفْظُهُ هَكَذَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ يُضْحِكُهُمْ، وَكَانَ فِيهِ مُزَاحٌ فَطَعَنَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ مِنْ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ، وَتَنْزِيلُ الْحَدِيثِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَسْهَلُ وَأَبْعَدُ مِنَ التَّكَلُّفِ مِنْ تِلْكَ الرِّوَايَةِ، وَمَا قِيلَ أَنَّ قَالَ خَبَرٌ، وَبَيْنَمَا ظَرْفٌ لَهُ خَارِجٌ عَنِ الْمُرَادِ، فَقَوْلُهُ رَجُلٌ مَجْرُورٌ بَدَلًا مِنْ أُسَيْدٍ، وَقَالَ قَوْلَ الرَّاوِي أَيْ: قَالَ الرَّاوِي، وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، بَيْنَمَا أُسَيْدٌ يُحَدِّثُ إِلَخْ. وَلَوْ كَانَ الْقَائِلُ أُسَيْدًا لَقَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا، وَبَيْنَا الثَّانِيَةُ بَدَلٌ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ فَطَعَنَهُ هُوَ الْجَوَابُ اهـ كَلَامُهُ.

وَالْمَعْنَى: فَضَرَبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى طَرِيقِ الْمِزَاحِ (فِي خَاصِرَتِهِ) أَيْ: شَاكِلَتِهِ (بِعُودٍ) أَيْ: بِخَشَبٍ مِنْ عَصَا أَوْ غَيْرِهَا (فَقَالَ: أَصْبِرْنِي) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ: أَقْدِرْنِي وَمَكِّنِّي مِنِ اسْتِيفَاءِ الْقَصَاصِ حَتَّى أَطْعَنَ فِي خَاصِرَتِكَ، كَمَا طَعَنْتَ فِي خَاصِرَتِي (قَالَ: أَصْطَبِرُ) : بِصِيغَةِ الْمُتَكَلِّمِ، أَيْ: أُمَكِّنُكَ مِنَ الْقِصَاصِ وَاقْتَصَّ مِنْ نَفْسِي، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ؛ بَلْ قِيلَ هِيَ الْأَصَحُّ اصْطَبِرْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيِ: اسْتَوْفِ الْقِصَاصَ، وَالِاصْطِبَارُ الِاقْتِصَاصُ ذَكَرَهُ شَارِحٌ. وَفِي النِّهَايَةِ قَوْلُهُ: أَصْبِرْنِي أَيْ: أَقْدِرْنِي مِنْ نَفْسِكَ. قَالَ: اسْتَقِدْ، يُقَالُ: أَصْبَرَ فُلَانٌ مَنْ خَصْمِهِ وَاصْطَبَرَ أَيِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>