اقْتَصَّ مِنْهُ، وَأَصْبَرَهُ الْحَاكِمُ أَيْ: أَقَصَّهُ مِنْ خَصْمِهِ. قَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ: وَأَصْلُهُ الْحَبْسُ حَتَّى يُقْتَلَ، وَأَصْبَرَهُ الْقَاضِي صَبَارًا أَقَصَّهُ أَوِ اصْطَبَرَ، أَيِ: اقْتَصَّ. (قَالَ: إِنَّ عَلَيْكَ قَمِيصًا وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ) : حِكَايَةُ الْحَالِ الْمَاضِيَةِ وَمِنَ الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ قَمِيصٌ (فَرَفَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَمِيصِهِ) : عَدَّاهُ بِعَنْ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى كَشَفَ، أَيْ: كَشَفَ عَمَّا سَتَرَهُ قَمِيصُهُ فَرَفَعَهُ عَنْهُ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ وَنَحْوُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا} [النمل: ٤٤] (فَاحْتَضَنَهُ) أَيِ: اعْتَنَقَهُ وَأَخَذَهُ فِي حِضْنِهِ، وَهُوَ مَا دُونُ الْإِبِطِ إِلَى الْكَشْحِ (وَجَعَلَ يُقَبِّلُ كَشْحَهُ) أَيْ: جَنْبَهُ، قَالَ الشَّارِحُ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْمَلَكِ: هُوَ مَا بَيْنَ الْخَاصِرَةِ إِلَى الضِّلْعِ الْأَقْصَرِ مِنْ أَضْلَاعِ الْجَنْبِ. (قَالَ: إِنَّمَا أَرَدْتُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ) أَيْ: مَا أَرَدْتُ بِقَوْلِي أَصْبِرْنِي إِلَّا هَذَا التَّقْبِيلَ، وَمَا قَصَدْتُ حَقِيقَةَ الْقَصَاصِ، أَقُولُ: وَهَذَا لَا مُمَاثَلَةَ، فَإِنَّ هَذَا أَعْلَى وَأَغْلَى مَعَ أَنَّ لَهُ بِطَعْنِهِ أَيْضًا مِنَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى مَا يَنْسَى فِي جَنْبِهِ جَمِيعَ نَعِيمِ الدُّنْيَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِإِبَاحَةِ الْمِزَاحِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورٌ شَرْعًا، وَبِاسْتِمَاعِهِ أَيْضًا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمِزَاحَ بِشَرْطِهِ مِنْ بَابِ الِاسْتِحْبَابِ ; لِأَنَّهُ مَعْدُودٌ فِي شَمَائِلِهِ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ لِهَذَا الْبَابِ، قَالَ: وَبِأَنَّ الِانْبِسَاطَ مَعَ الْوَضِيعِ مِنْ شِيَمِ الشَّرِيفِ. قُلْتُ: هَذَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِمَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الْمَازِحَ هُوَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَإِنَّهُ مِنْ أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ وَنُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute