قَالَ النَّوَوِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، أَوْ رَحِمَكَ اللَّهُ، أَوْ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، وَلِلْعَاطِسِ يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ، أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ، قُلْتُ: أَوْ يَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ، كَمَا جَاءَ فِي أَحَادِيثَ بَيَّنَهَا الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ، ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَوْلُ السَّامِعِ يَرْحَمُكَ اللَّهُ سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ أَجْزَأَ عَنْهُمْ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ: كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ، هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِي التَّشْمِيتِ اخْتِلَافٌ فِي أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ " جَعَلَهُ سُنَّةً. قُلْتُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إِمَّا فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةُ كِفَايَةٍ، كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أَرْبَابِ الدِّرَايَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَأَمَّا نَقْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ " فَلَيْسَ فِيهِ لَفْظُ (حَقُّ) كَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثَيْنِ مِنْ بَابِ السَّلَامِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ، بَلْ لَفْظُهُ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ هُوَ مَا عُرِفَ فِي الشَّرْعِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلْيُقَلْ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ هُوَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ. رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَشْجَعِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا قَالَ: رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: رَحِمَكَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute