للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٧٥١ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، فَإِنِّي إِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٧٥١ - (وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «سَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا» ) : مِنْ بَابِ الِافْتِعَالِ وَلَفْظُ الْجَامِعِ وَلَا تَكَنَّوْا، وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ (بِكُنْيَتِي) أَيِ: الْمَخْصُوصَةِ بِي، قِيلَ: مَذْهَبُ الْعَرَبِ فِي الْعُدُولِ عَنِ الِاسْمِ إِلَى الْكُنْيَةِ هُوَ التَّوْقِيرُ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْكُنْيَةُ لَفْظًا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْمَدْعُوُّ بِهِ، وَلِمَا كَانَ مِنْ حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يُرَادُ بِهِ التَّعْظِيمُ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِيهِ أَحَدٌ كُرِهَ أَنْ يُكَنَّى أَحَدٌ بِكُنْيَتِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] ، وَبَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ: (فَإِنِّي إِنَّمَا جُعِلْتُ) :. أَيْ: جَعَلَنِي اللَّهُ (قَاسِمًا) : وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ: إِنَّمَا بُعِثْتُ قَاسِمًا (لِأَقْسِمَ بَيْنَكُمْ) أَيِ: الْعِلْمَ وَالْغَنِيمَةَ وَنَحْوَهُمَا. وَقِيلَ: الْبِشَارَةُ لِلصَّالِحِ وَالنِّذَارَةُ لِلطَّالِحِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قِسْمَةُ الدَّرَجَاتِ وَالدَّرَكَاتِ مُفَوَّضَةً إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا مَانِعَ مِنَ الْجَمْعِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَذْفُ الْمَفْعُولِ لِتَذْهَبَ أَنْفُسُهُمْ كُلَّ الْمَذْهَبِ، وَيَشْرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْمَشْرَبِ، وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً فِي حَقِّكُمْ، بَلْ مُجَرَّدُ اسْمٍ لَفْظًا وَصُورَةً فِي شَأْنِكُمْ وَشَأْنِ أَوْلَادِكُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَسْتُ أَبَا الْقَاسِمِ بِمُجَرَّدِ أَنَّ وَلَدِي كَانَ مُسَمًّى بِقَاسِمٍ، بَلْ لُوحِظَ فِي مَعْنَى الْقَاسِمِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْقِسْمَةِ الْأَزَلِيَّةِ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، فَلَسْتُ كَأَحَدِكُمْ لَا فِي الذَّاتِ، وَلَا فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ أَبُو الْقَاسِمِ نَظِيرَ قَوْلِ الصُّوفِيَّةِ: الصُّوفِيُّ أَبُو الْوَقْتِ أَيْ: صَاحِبُهُ وَمُلَازِمُهُ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ، فَمَعْنَى أَبِي الْقَاسِمِ صَاحِبُ هَذَا الْوَصْفِ، كَمَا يُقَالُ: أَبُو الْفَضْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ مُسَمًّى بِالْفَضْلِ، وَمُجْمَلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْكُنْيَةَ تَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى اللَّقَبِ الْمَحْمُودِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقِيلَ: النَّهْيُ مَخْصُوصٌ بِحَيَاتِهِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ خِطَابُهُ بِخِطَابِ غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ سَبَبِ وُرُودِ النَّهْيِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفِقِ عَلَيْهِ بِالصَّرِيحِ، وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِحَيَاتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هَذَا وَقَدْ قَالَ الطِّيبِيُّ: اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وُجُوهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>