٤٧٦١ - وَعَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا تَقُولُوا: الْكَرْمُ، فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
٤٧٦١ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَقُولُوا) أَيْ: لِلْعِنَبِ (الْكَرْمُ) : بِسُكُونِ الرَّاءِ وَيُفْتَحُ عَلَى مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ (فَإِنَّ الْكَرْمَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ) . قَالَ شَارِحٌ: سَمَّتِ الْعَرَبُ الْعِنَبَةَ كَرْمًا ذَهَابًا إِلَى أَنَّ الْخَمْرَ تُورِثُ شَارِبَهَا كَرَمًا، وَيَلْتَفِتُ إِلَيْهِ قَوْلُ الْقَائِلِ: فَيَا ابْنَةَ الْكَرْمِ لَا بَلْ يَا ابْنَةَ الْكَرَمِ
فَلَمَّا حَرَّمَ الْخَمْرَ نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ تَحْقِيرًا لِلْخَمْرِ، وَتَأْكِيدًا لِحُرْمَتِهَا، وَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ قَلْبَ الْمُؤْمِنِ هُوَ الْكَرْمُ؛ لِأَنَّهُ مَعْدِنُ التَّقْوَى لَا الْخَمْرُ الْمُؤَدِّي إِلَى اخْتِلَالِ الْعَقْلِ، وَفَسَادِ الرَّأْيِ وَإِتْلَافِ الْمَالِ وَصَرْفِهِ عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ. وَفِي الْفَائِقِ: أَرَادَ أَنْ يُقَرِّرَ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] ، بِطَرِيقٍ مَنِيفٍ وَمَسْلَكٍ لَطِيفٍ، وَفِي الْقَامُوسِ: الْكَرَمُ مُحَرَّكَةٌ ضِدُّ اللُّؤْمِ، وَأَرْضٌ كَرَمٌ مُحَرَّكَةً أَيْ: طَيِّبَةٌ، وَالْكَرْمُ: الْعِنَبُ، وَالْكَرِيمَانِ الْحَجُّ وَالْجِهَادُ، وَمِنْهُ: «خَيْرُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ بَيْنَ كَرِيمَيْنِ» . وَفِي الْحَدِيثِ: " «لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» ". وَلَيْسَ الْغَرَضُ حَقِيقَةَ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا، وَلَكِنَّهُ رَمْزٌ إِلَى أَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ غَيْرِ الْأَنَاسِيِّ الْمُسَمَّى بِالِاسْمِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْكَرَمِ، أَنْتُمْ أَحِقَّاءُ بِأَنْ لَا تُؤَهِّلُوهُ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ غَيْرَةً لِلْمُسْلِمِ التَّقِيِّ أَنْ يُشَارَكَ فِيمَا سَمَّاهُ اللَّهُ، وَخَصَّهُ بِأَنْ جَعَلَهُ صِفَتَهُ، فَضْلًا أَنْ تُسَمُّوا بِالْكَرِيمِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ تَأَتَّى لَكُمْ أَنْ لَا تُسَمُّوهُ مَثَلًا بِاسْمِ الْكَرَمِ، فَلَا تُسَمُّوا بِهِ غَيْرَهُ. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْكَرْمَ أَيْ: فَإِنَّمَا الْمُسْتَحِقُّ لِلِاسْمِ الْمُشْتَقِّ مِنَ الْكَرَمِ الْمُسْلِمُ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: رَجُلٌ كَرَمٌ وَامْرَأَةٌ كَرَمٌ، وَرَجُلَانِ كَرَمٌ، وَرِجَالٌ كَرَمٌ، وَنِسْوَةٌ كَرَمٌ كُلُّهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِهَا بِمَعْنَى كَرِيمٍ؛ وَصْفٌ بِالْمَصْدَرِ كَعَدْلٍ وَضَيْفٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute