٤٧٧٨ - وَعَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ: " لَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.
ــ
٤٧٧٨ - (وَعَنْ حُذَيْفَةَ) : لَمْ يَقُلْ وَعَنْهُ لِئَلَّا يَرْجِعَ الضَّمِيرُ إِلَى أَبِي مَسْعُودٍ (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «لَا تَقُولُوا مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ» ) : فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: فَهُوَ كَائِنٌ أَوْ كَانَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ وَالِاشْتِرَاكِ (وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: كَانَ (ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ مَشِيئَةِ اللَّهِ شَاءَ فُلَانٌ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا كَانَ قَبْلَ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ، لِيَنْدَفِعَ تَوَهُّمُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ وَلَوْ بِالتَّرَاخِي أَيْضًا فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ مَسْلَكٌ دَقِيقٌ، وَبِالتَّحْقِيقِ حَقِيقٌ؛ وَحِينَئِذٍ قَوْلُهُ: ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ، أَوْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ، كَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ، وَثُمَّ لِتَرَاخِي الْأَخْبَارِ، وَهَذَا مُجْمَلُ مَا ظَهَرَ لِي فِي حَلِّ هَذَا الْمَحَلِّ. وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: لَمَّا كَانَ الْوَاوُ حَرْفَ الْجَمْعِ وَالتَّشْرِيكِ مَنَعَ مِنْ عَطْفِ إِحْدَى الْمَشِيئَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى، وَأَمَرَ بِتَقْدِيمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَتَأْخِيرِ مَشِيئَةِ مَنْ سِوَاهُ بِحَرْفِ ثُمَّ الَّذِي هُوَ لِلتَّرَاخِي. قَالَ الطِّيبِيُّ: ثُمَّ هَاهُنَا يُحْتَمَلُ التَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ، وَفِي الرُّتْبَةِ، فَإِنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى أَزَلِيَّةٌ، وَمَشِيئَةَ غَيْرِهِ حَادِثَةٌ تَابِعَةٌ لِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: ٣٠] ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَشِيئَةُ الْعَبْدِ لَمْ يَقَعْ أَكْثَرُهَا فَأَيْنَ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْأُخْرَى؟ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute