وَعِلْمِ الْأَوَائِلِ، وَيَدَعُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي دِينِهِ مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَالِاشْتِغَالُ بِهِ يَمْنَعُهُ عَنْ تَعَلُّمٍ فِي مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، فَيَكُونُ جَهْلًا لَهُ. قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَقِيلَ: هُوَ أَنْ لَا يَعْمَلَ بِعِلْمِهِ فَيَكُونَ تَرْكُ الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ جَهْلًا، وَمُصَدِّقُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [الجمعة: ٥] ، قَلْتُ: وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ} [النساء: ١٧] ، فَفِي مَعَالِمِ التَّنْزِيلِ قَالَ قَتَادَةُ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا عُصِيَ بِهِ اللَّهُ فَهُوَ جَهَالَةٌ عَمْدًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكُلَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ. ( «وَإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حُكْمًا» ) : بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ: حِكْمَةً كَمَا سَبَقَ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: ١٢] ، أَيِ: الْحِكْمَةَ (وَإِنَّ مِنَ الْقَوْلِ) أَيِ: الْكَلَامِ (عِيَالًا) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِغَيْرِ أَبِي دَاوُدَ: عَيْلًا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ: ثِقَلًا وَوَبَالًا عَلَيْكَ، أَوْ ثِقَلًا عَلَى سَامِعِكَ؛ لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِهِ أَوْ جَاهِلٌ لَا يَفْهَمُهُ، فَفِي النِّهَايَةِ: هُوَ عَرْضُكَ حَدِيثَكَ وَكَلَامَكَ عَلَى مَنْ لَا يُرِيدُهُ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) : قَالَ مِيرَكُ: وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ. قَالَ: وَأَدْخَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الضُّعَفَاءِ. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: تَحَوَّلَ مِنْ هُنَاكَ اهـ. وَوَهِمَ أَبُو حَاتِمٍ فِيهِ، بَلِ الْبُخَارِيُّ احْتَجَّ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute