الْغَالِيَةِ (وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ) أَيِ: الشَّخْصُ (يَصْدُقُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ (وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ) أَيْ: يُبَالِغُ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ (حَتَّى يُكْتَبَ) أَيْ: يُثْبَتَ (عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا) بِكَسْرِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ: مُبَالِغًا فِي الصِّدْقِ، فَفِي الْقَامُوسِ: الصِّدِّيقُ مَا يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الصِّدْقُ حَتَّى يَسْتَحِقَّ اسْمَ الْمُبَالَغَةِ فِي الصِّدْقِ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِحُسْنِ خَاتِمَتِهِ، وَإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصِّدِّيقَ يَكُونُ مَأْمُونَ الْعَاقِبَةِ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابَةِ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَإِظْهَارُهُ لِلْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَإِلْقَاءُ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ ( «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ» ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَفْصَحُ ( «فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ» ) : بِضَمِّ الْفَاءِ أَيِ: الْمَيْلِ عَنِ الصِّدْقِ وَالْحَقِّ وَالِانْبِعَاثِ فِي الْمَعَاصِي، وَهُوَ أَظْهَرُ لِلْمُقَابَلَةِ بِالْبَرِّ. وَفِي الْقَامُوسِ: فَجَرَ: فَسَقَ، وَكَذَبَ وَكَذَّبَ وَعَصَى وَخَالَفَ. ( «وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ، عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمَعْنَى " يُكْتَبَ " هُنَا يُحْكَمُ لَهُ لِذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّ الْوَصْفَ بِمَنْزِلَةِ الصِّدِّيقِينَ وَثَوَابِهِمْ أَوْ صِفَةَ الْكَذَّابِ وَعِقَابِهِمْ، وَالْمُرَادُ إِظْهَارُ ذَلِكَ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَإِمَّا بِأَنْ يُكْتَبَ اسْمُهُ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِينَ حَتَّى يُوضَعَ لَهُ الْقَبُولُ، أَوِ الْبَغْضَاءُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ، وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ: «إِنَّ الصِّدْقَ بِرٌّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْكَذِبَ فُجُورٌ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ» ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: " «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute