٤٨٢٦ - وَعَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤٨٢٦ - (وَعَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ) : بِضَمِّ الْكَافِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُغْنِي وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا، فَفِي الْقَامُوسِ: أُمُّ كُلْثُومٌ - كَزُنْبُورٍ - بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ. وَالْمُرَادُ بِهَا هَنَا بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَهَاجَرَتْ مَاشِيَةً وَبَايَعَتْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا بِمَكَّةَ زَوْجٌ، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَقُتِلَ عَنْهَا فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، فَتَزَوَّجَهَا الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ وَحُمَيْدًا، وَمَاتَ عَنْهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ شَهْرًا وَمَاتَتْ، وَهِيَ أُخْتُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لِأُمِّهِ، رَوَى عَنْهَا ابْنُهَا حُمَيْدٌ. (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْكَذَّابُ) : بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَيْسَ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُهَا مُقَدَّمٌ عَلَى اسْمِهَا، وَهُوَ أَظْهَرُ دِرَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْكُومُ بِهِ وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: (الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ) : ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْفَعَّالَ هُنَا لِلنِّسْبَةِ كَلَبَّانٍ وَتَمَّارٍ، أَيْ: ذِي كَذِبٍ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ} [فصلت: ٤٦] ، أَيْ: بِذِي ظُلْمٍ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْمُبَالَغَةِ انْتِفَاءُ أَصْلِ الْفِعْلِ، وَالْمَعْنَى: مَنْ كَذِبَ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَكُونُ كَاذِبًا مَذْمُومًا (وَيَقُولُ خَيْرًا) أَيْ: قَوْلًا مُتَضَمِّنًا لِلْخَيْرِ دُونَ الشَّرِّ، بِأَنْ يَقُولَ لِلْإِصْلَاحِ مَثَلًا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو: يَا عَمْرُو يُسَلِّمُ عَلَيْكَ زَيْدٌ وَيَمْدَحُكَ وَيَقُولُ: أَنَا أُحِبُّهُ وَكَذَلِكَ يَجِيءُ إِلَى زَيْدٍ وَيُبَلِّغُهُ مِنْ عَمْرٍو مِثْلَ مَا سَبَقَ. (وَيَنْمِي خَيْرًا) أَيْ يُبَلِّغُهُ وَيَرْفَعُهُ إِلَيْهِ، هَذَا وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ قَوْلَهُ: اللَّامُ فِي الْكَذَّابِ إِشَارَةٌ إِلَى الْكَذَّابِ الْمَعْهُودِ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ وَنَحْوِهِ يَعْنِي الْكَذَّابَ الْمَذْمُومَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الْمَمْقُوتَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ مَنْ يُصْلِحُ ذَاتَ الْبَيْنِ، فَإِنَّهُ مَحْمُودٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَهُمْ، فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَذَّابُ مَرْفُوعًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَيْسَ، وَقَوْلُهُ: " الَّذِي يُصْلِحُ " خَبَرُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْكَذَّابَ خَبَرُ لَيْسَ وَالَّذِي اسْمُهُ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute