للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٥٣ - «وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا - تَعْنِي قَصِيرَةً - فَقَالَ: " لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَ بِهَا الْبَحْرُ لَمَزَجَتْهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٤٨٥٣ - (وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ) أَيْ: مِنْ عُيُوبِهَا الْبَدَنِيَّةِ (كَذَا وَكَذَا) : كِنَايَةٌ عَنْ ذِكْرِ بَعْضِهَا، وَهُوَ كَذَا فِي جَمِيعِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ، وَقِيلَ: هَذَا تَحْرِيفٌ فِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ، وَالصَّوَابُ حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ أَنَّهَا كَذَا كَذَا. (تَعْنِي) أَيْ: تُرِيدُ عَائِشَةُ بِقَوْلِهَا كَذَا وَكَذَا (قَصِيرَةً) أَيْ: كَوْنُهَا قَصِيرَةً قَالَ شَارِحٌ لَهَا: كَذَا إِشَارَةٌ إِلَى شِبْرِهَا. قُلْتُ: الظَّاهِرُ مِنْ تَكْرَارِ كَذَا تَعَدُّدُ نَعْتِهَا، فَلَعَلَّهَا قَالَتْ بِلِسَانِهَا قَصِيرَةً، وَأَشَارَتْ بِشِبْرِهَا أَنَّهَا فِي غَايَةٍ مِنَ الْقِصَرِ، فَأَرَادَتِ التَّأْكِيدَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَقَالَ: لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً) أَيْ: طَوِيلَةً عَرِيضَةً وَمُرَّةً نَتْنَةً عِنْدَ أَرْبَابِ الْحَوَاسِّ الْكَامِلَةِ (لَوْ مُزِجَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: لَوْ خُلِطَ (بِهَا) أَيْ: عَلَى فَرْضِ تَجْسِيدِهَا وَتَقْدِيرِ كَوْنِهَا مَائِعًا (الْبَحْرُ) أَيْ: مَاؤُهُ (لَمَزَجَتْهُ) . أَيْ: غَلَبَتْهُ وَغَيَّرَتْهُ قَالَ الْقَاضِي: الْمَزْجُ الْخَلْطُ وَالتَّغْيِيرُ بِضَمِّ غَيْرِهِ إِلَيْهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ هَذِهِ الْغَيْبَةَ لَوْ كَانَتْ مِمَّا يُمْزَجُ بِالْبَحْرِ لِغَيَّرَتْهُ عَنْ حَالِهِ مَعَ كَثْرَتِهِ وَغَزَارَتِهِ، فَكَيْفَ بِأَعْمَالٍ قَذِرَةٍ خُلِطَتْ بِهَا؟ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: قَدْ حُرِّفَتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْمَصَابِيحِ، وَالصَّوَابُ لَوْ مُزِجَتْ بِالْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: قَدْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ كَمَا فِي الْمَصَابِيحِ وَالْمَتْنِ فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ مِنْ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَلَعَلَّ التَّخْطِئَةَ مِنْ أَجْلِ الدِّرَايَةِ لَا الرِّوَايَةِ، إِذْ لَا يُقَالُ مُزِجَ بِهَا الْبَحْرُ، بَلْ مُزِجَتْ بِالْبَحْرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَزْجَ وَالْخَلْطَ يَسْتَدْعِيَانِ الِامْتِزَاجَ وَالِاخْتِلَاطَ، وَكُلُّ الْمُمْتَزِجَيْنِ يَمْتَزِجُ بِالْآخَرِ، يَعْنِي: مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ وَالْمَائِعِيَّةِ وَالْجَامِدِيَّةِ، كَأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْفَصْلُ عَنْ أَرْبَابِ الْفَضْلِ ثَمَّ. قَالَ تَعَالَى: {فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ} [يونس: ٢٤] ، الْكَشَّافُ: وَكَانَ حَقُّ اللَّفْظِ فَاخْتَلَطَ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ، وَوَجْهُ صِحَّتِهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْصُوفٌ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>