٤٨٧٣ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّيَا صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ، وَكَانَا صَائِمَيْنِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ قَالَ: " أَعِيدَا وُضُوءَكُمَا وَصَلَاتَكُمَا، وَامْضِيَا فِي صَوْمِكُمَا، وَاقْضِيَاهُ يَوْمًا آخَرَ ". قَالَا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " اغْتَبْتُمْ فُلَانًا» .
ــ
٤٨٧٣ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ رَجُلَيْنِ صَلَّيَا صَلَاةَ الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ) أَيْ: مَعَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَكَانَا صَائِمَيْنِ) ، عَطْفٌ أَوْ حَالٌ (فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّلَاةَ) أَيْ: فَرَغَ عَنْ أَدَائِهَا (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلَيْنِ (أَعِيدُوا) : بِصِيغَةِ الْجَمْعِ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَقَلُّهُ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، وَفِي نُسْخَةٍ أَعِيدَا (وُضُوءَكُمَا وَصَلَاتَكُمَا، وَامْضِيَا) : بِهَمْزِ وَصْلٍ وَكَسْرِ ضَادٍ أَيِ: انْفُذَا (فِي صَوْمِكُمَا) : يَعْنِي لَا تَقْطَعَاهُ بِالْإِفْطَارِ مِنْ مَضَى فِي أَمْرِهِ: إِذَا نَفَذَ فِيهِ، وَلَمْ يَتَوَقَّفْ (وَاقْضِيَاهُ) أَيْ: صَوْمَكُمَا (يَوْمًا آخَرَ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا فِي الصَّوْمِ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: ١٢] ، وَأَمَّا فِي الصَّلَاةِ ; فَلِأَنَّهُ شَرِبَ دَمَ أَخِيهِ وَلَحْمَهُ فَحَمَلَ النَّجَاسَةَ. اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْمَعْصِيَةِ قَبْلَ الطَّاعَةِ يُنْقِصُ كَمَالَهَا، كَمَا أَنَّ الْحَسَنَةَ بَعْدَ السَّيِّئَةِ تُوجِبُ زَوَالَهَا، فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] ، وَرَدَ فِيمَنْ قَبَّلَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا أَظْهَرَ الزَّجْرَ الشَّدِيدَ وَالتَّغْلِيظَ وَالْوَعِيدَ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْغِيبَةِ مِنْ حَقِّ الْعِبَادِ، وَرُبَّمَا تَذْهَبُ الْعِبَادَةُ بِالْكُلِّيَّةِ ; حَيْثُ يُعْطَى لِصَاحِبِ الْغَيْبَةِ النَّافِلَةُ الطَّوِيَّةُ فَيَبْقَى الْمُذْنِبُ بِلَا صَوْمٍ وَصَلَاةٍ، فَلِهَذَا أَمَرَهُمَا بِإِعَادَتِهِمَا وَقَضَائِهِ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ فَتْوَى الْخَاصَّةِ لَا مِنْ قَبِيلِ أَحْكَامِ الْعَامَّةِ، وَفِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ لِلدَّيْلَمِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا " «الْغِيبَةُ تُنْقِضُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ» " (قَالَا) : وَفِي نُسْخَةٍ فَقَالَا: (لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟) أَيْ: لِأَيِّ سَبَبٍ (قَالَ: اغْتَبْتُمْ فُلَانًا) أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَ الطَّهَارَةِ وَمُبَاشَرَةِ الصَّوْمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute