٤٨٨٢ - «وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ " قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذِبَةٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".
ــ
٤٨٨٢ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: قُرَشِيٌّ، خَالُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِهِ فَتَفَلَ عَلَيْهِ وَعَوَّذَهُ، وَرَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَلَا حَفِظَ عَنْهُ، وَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ، وَلَّاهُ عُثْمَانُ الْبَصْرَةَ وَخُرَاسَانَ، وَأَقَامَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ قُتِلَ عُثْمَانُ، فَلَمَّا أَفْضَى الْأَمْرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَدَّ إِلَيْهِ ذَلِكَ، وَكَانَ سَخِيًّا كَرِيمًا كَثِيرَ الْمَنَاقِبِ، وَهُوَ افْتَتَحَ خُرَاسَانَ، وَقُتِلَ كِسْرَى فِي وِلَايَتِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ افْتَتَحَ أَطْرَافَ فَارِسَ، وَعَامَّةَ خُرَاسَانَ وَأَصْفَهَانَ وَكِرْمَانَ وَحُلْوَانَ، وَهُوَ الَّذِي شَقَّ نَهْرَ الْبَصْرَةِ. (قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا) أَيْ: نَادَتْنِي وَطَلَبَتْنِي وَأَنَا صَغِيرٌ ( «وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا» ) : الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ (فَقَالَتْ: هَا) : لِلتَّنْبِيهِ أَوِ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ، فَقَوْلُهَا: (تَعَالَ) : بِفَتْحِ اللَّامِ بِلَا أَلِفٍ تَأْكِيدٌ (أُعْطِيكَ) أَيْ: أَنَا، فَهُوَ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبْرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي نُسْخَةٍ (أُعْطِكَ) بِغَيْرِ يَاءٍ، عَلَى أَنَّهُ مَجْزُومٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ بِالْجَزْمِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ جَوَابًا لِلْأَمْرِ، وَفِي بَعْضِهَا بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ، وَهُوَ الرِّوَايَةُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَشُعَبِ الْإِيمَانِ عَلَى أَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي} [مريم: ٥] بِالرَّفْعِ. اهـ. وَفِي الْآيَةِ الْوَجْهَانِ مُتَوَاتِرَانِ، عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الْيَاءَ حَصَلَ مِنَ الْإِشْبَاعِ، فَلَا يُنَافِي الْجَزْمَ عَلَى أَنَّ إِثْبَاتَ الْيَاءِ فِي الْمَجْزُومِ لُغَةٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: ٩٠] ، وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ. ( «فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَرَدْتِ» ) أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ نَوَيْتِ (أَنْ تُعْطِيهِ؟) : بِسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ ; لِأَنَّ الصِّيغَةَ لِلْمُخَاطَبَةِ وَعَلَامَةُ نَصْبِهَا حَذَفُ النُّونِ، وَوَقَعَ فِي أَصْلِ السَّيِّدِ وَبَعْضِ النُّسَخِ هَيَا بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَهُوَ مِنْ زَلَّةِ الْقَلَمِ أَوْ زَلِقَةِ الْقَدَمِ. ( «قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ» ) أَيْ: وَاحِدًا أَوْ شَيْئًا مِنَ التَّمْرِ، فَإِنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهَا: " «مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ؟ " قَالَتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تَمْرًا» . لَيْسَ فِي الْمَصَابِيحِ، فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنَ النُّسَّاخِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَا) : بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ ( «إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِيهِ» ) : بِالْيَاءِ، فَإِنَّهَا ضَمِيرُ الْكَلِمَةِ لَا لَامُهَا، أَيْ: لَوْ لَمْ تَنْوِي بِإِعْطَائِهِ ( «شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كَذْبَةٌ» ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الذَّالِ أَيْ: مَرَّةً مِنَ الْكَذِبِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، أَيْ: نَوْعٌ مِنَ الْكَذِبِ، وَأَمَّا مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى زَعْمِ صَاحِبِهِ مِنْ ضَبْطِهِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الذَّالِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ مِنْ نَقْلِ اللُّغَةِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ، فَكَأَنَّهُ غَيْرُ كَلَامِ ابْنِ الْمَلَكِ ; حَيْثُ قَالَ بِفَتْحِ الْكَافِ ثُمَّ السُّكُونُ، وَبِفَتْحِهَا مَعَ كَسْرِ الذَّالِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ. اهـ. وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ الْفَتْحَ مَعَ كَسْرِ الذَّالِ لَمْ يُوجَدْ مَعَ التَّاءِ لُغَةً، وَقَدْ نَصَّ النَّوَوِيُّ أَنَّ الذَّالَ سَاكِنَةٌ فِيهِمَا، فَكَلَامُ ابْنِ الْمَلَكِ مُخَالِفٌ لِلرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute