للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفَرِحَ فَهُوَ فَقِيهٌ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرَادَ كَذَا إِخْرَاجَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ اسْتِوَاءَ النَّسَبِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الْحَسَبِ بِأَنْ يَكُونُوا مُسْتَوِينَ فِي الْفِقْهِ، وَأَمَّا مَنْ زَادَ فِي الْفِقْهِ فَهُوَ أَعْلَى، وَمَنْ لَمْ يَفْقَهْ فَهُوَ فِي مَرْتَبَةِ الْأَدْنَى، وَالْمُرَادُ بِالْفِقْهِ: هُوَ الْعِلْمُ الْمَقْرُونُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ حَاصِلُ التَّقْوَى، فَرَجَعَ الْأَمْرُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] ، لَكِنْ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢] ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «التَّقْوَى هَهُنَا» " وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ الشَّرِيفِ مُومِيًا إِلَى انْحِصَارِهَا فِيهِ بِحَسْبَ كَمَالِهَا، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: يُرِيدُ أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ مَأْثُرَةٌ وَشَرَفٌ إِذَا أَسْلَمَ وَفَقُهَ، فَقَدْ حَازَ إِلَى ذَلِكَ مَا اسْتَفَادَهُ بِحَقِّ الدِّينِ، وَمَنْ لَمْ يُسْلِمْ فَقَدْ هَدَمَ شَرَفَهُ وَضَيَّعَ نَسَبَهُ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالُوا: لَمَّا سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ أَجَابَ بِأَكْمَلِهِمْ وَأَعَمِّهِمْ، وَقَالَ: " أَتْقَاهُمْ لِلَّهِ " ; لِأَنَّ أَصْلَ الْكَرَمِ كَثْرَةُ الْخَيْرِ، وَمَنْ كَانَ مُتَّقِيًا كَانَ كَثِيرَ الْخَيْرِ وَكَثِيرَ الْفَائِدَةِ فِي الدُّنْيَا، وَصَاحِبَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الْأُخْرَى، وَلَمَّا قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالُوا: يُوسُفُ جَمَعَ النُّبُوَّةَ وَالنَّسَبَ، وَضَمَّ مَعَ ذَلِكَ شَرَفَ عِلْمِ الرُّؤْيَا وَالرِّيَاسَةَ وَتَمَكُّنَهُ فِيهَا، وَسِيَاسَةَ الرَّعِيَّةِ بِالسِّيرَةِ الْحَمِيدَةِ وَالصُّورَةِ الْجَمِيلَةِ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>