للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٨٩٧ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٨٩٧ - (وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تُطْرُونِي» ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَأَصْلُهُ لَا تُطْرِيُونَ مِنَ الْإِطْرَاءِ، وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْمَدْحِ وَالْغُلُوُّ فِي الثَّنَاءِ ( «كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ» ) أَيْ: مِثْلَ إِطْرَائِهِمْ إِيَّاهُ، مَفْهُومُهُ أَنَّ إِطْرَاءَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ إِطْرَائِهِمْ جَائِزٌ، وَلِلَّهِ دَرُّ صَاحِبِ الْبُرْدَةِ ; حَيْثُ قَالَ: دَعْ مَا ادَّعَتْهُ النَّصَارَى فِي نَبِيِّهِمْ وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْتَكِمِ

وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ: وَذَلِكَ أَنَّ النَّصَارَى أَفْرَطُوا فِي مَدْحِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِطْرَائِهِ بِالْبَاطِلِ، وَجَعَلُوهُ وَلَدًا لِلَّهِ تَعَالَى، فَمَنَعَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُطْرُوهُ بِالْبَاطِلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِي الْعُدُولِ عَنْ عِيسَى وَالْمَسِيحِ إِلَى ابْنِ مَرْيَمَ تَبْعِيدًا لَهُ عَنِ الْأُلُوهِيَّةِ، يَعْنِي: بَالَغُوا فِي الْمَدْحِ وَالْإِطْرَاءِ وَالْكَذِبِ بِأَنْ جَعَلُوا مِنْ جِنْسِ النِّسَاءِ الطَّوَامِثِ إِلَهًا أَوِ ابْنًا لَهُ. اهـ. وَلِكَوْنِ الْيَهُودِ بَالَغُوا فِي قَدْحِ الْمَسِيحِ وَالنَّصَارَى فِي مَدْحِهِ قَالَ تَعَالَى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [المائدة: ٧٧] ، فَالْحَقُّ هُوَ الْوَسَطُ الْعَدْلُ، كَمَا بَيَّنَهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ} [النساء: ١٧١] ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ; لِأَنَّ كَوْنَهُ ابْنَ مَرْيَمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ وَابْنُ أَمَتِهِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ} [المائدة: ٧٥] ، أَيْ: يَبُولَانِ وَيَغُوطَانِ، وَيَحْتَاجَانِ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، فَلَا يَصْلُحَانِ لِلْأُلُوهِيَّةِ وَلَا مُنَاسِبَةَ لَهُمَا بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَإِنَّمَا شَأْنُهُمَا الْعُبُودِيَّةُ (فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ) أَيِ: الْخَاصُّ فِي مَقَامِ الِاخْتِصَاصِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَفْضَلُ مَدْحٍ عِنْدَ الْفَاضِلِ الْكَامِلِ، كَمَا قَالَ الْقَائِلُ

:

لَا تَدْعُنِي إِلَّا بَيَا عَبْدَهَا فَإِنَّهُ أَفْضَلُ أَسْمَائِيَا

<<  <  ج: ص:  >  >>