للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٩١٠ - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أَنْسَابُكُمْ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمَسَبَّةٍ عَلَى أَحَدٍ، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ لَمْ تَمْلَأْهُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِدِينٍ وَتَقْوًى، كَفَى بِالرَّجُلِ أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا فَاحِشًا بَخِيلًا» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ".

ــ

٤٩١٠ - (وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْسَابُكُمْ هَذِهِ» ) أَيِ: الْمَعْرُوفَةُ الْمَشْهُورَةُ كَأَمْرٍ مَحْسُوسٍ يُشَارُ إِلَيْهِ ( «لَيْسَتْ بِمَسَبَّةٍ» ) : بِفَتْحَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ مُوَحَّدَةٍ أَيْ: مَحَلُّ سَبٍّ وَسَبَبُ عَارٍ (عَلَى أَحَدٍ) أَيْ: مِنْكُمْ ( «كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ» ) أَيْ: جَمِيعُكُمْ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ ( «طَفُّ الصَّاعِ بِالصَّاعِ» ) : بِفَتْحِ طَاءٍ وَتَشْدِيدِ فَاءٍ وَهُوَ مَرْفُوعٌ وَمَنْصُوبٌ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ عَلَى أَنَّهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَرَفْعُهُ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ، وَبَنُو آدَمَ بَيَانٌ أَوْ بَدَلٌ أَوْ مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، فَيَكُونُ مِنَ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ، أَيْ: كُلُّكُمْ مُتَسَاوُونَ فِي النِّسْبَةِ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ، مُتَقَارِبُونَ كَتَقَارُبِ مَا فِي الصَّاعِ أَوْ تَسَاوِيهِ لِلصَّاعِ إِذَا لَمْ يُمْلَأْ مَلْأً تَامًّا، حَتَّى يَزْدَادَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَمْ تَمْلَأْهُ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّكُمْ لَمْ تَمْلَؤُوهُ وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ: قَرِيبٌ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ، يُقَالُ: هَذَا طَفُّ الْمِكْيَالِ أَيْ: مَا قَرُبَ مِنْ مِلْئِهِ، وَالْمَعْنَى: كُلُّكُمْ فِي الِانْتِسَابِ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ فِي النَّقْصِ وَالتَّقَاصُرِ عَنْ غَايَةِ التَّمَامِ، شَبَّهَهُمْ فِي نُقْصَانِهِمْ بِالْمَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغِ الْمِكْيَالَ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّفَاضُلَ لَيْسَ بِالنَّسَبِ، وَلَكِنْ بِالتَّقْوَى ; حَيْثُ قَالَ: (لَيْسَ لِأَحَدٍ) أَيْ: " عَلَى أَحَدٍ ": كَمَا فِي نُسْخَةٍ ضَعِيفَةٍ (فَضْلٌ) أَيْ: زِيَادَةٌ مُرَتَّبَةٌ (إِلَّا بِدِينٍ) أَيْ: مِنَ الْأَدْيَانِ الْحَقَّةِ (وَتَقْوَى) : بِالْقَصْرِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّنْوِينِ أَيْ: بِاجْتِنَابِ الشِّرْكِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ، وَاحْتِرَازٍ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالصَّغَائِرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَفْرَادَ الْإِنْسَانِ كُلَّهُمْ فِي مَرْتَبَةِ النُّقْصَانِ وَالْخُسْرَانِ إِلَّا ذَوِي التَّقْوَى وَالْكَمَالِ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: ١ - ٣] ، هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهُ: طَفُّ الصَّاعِ يَجُوزُ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مُؤَكِّدَةٌ نَحْوَ: زَيْدٌ أَبُوكَ عَطُوفًا، فَإِنَّ ذِكْرَ بَنِي آدَمَ يَدُلُّ عَلَى النُّقْصَانِ، لِكَوْنِهِمْ مِنَ التُّرَابِ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ أَوْ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَالْبَاءُ فِي بِالصَّاعِ لِلْحَالِ أَيْ: طَفُّ الصَّاعِ مُقَابَلًا بِمِثْلِهِ مِنَ النُّقْصَانِ، وَالْمُرَادُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فِي النُّقْصَانِ. (كَفَى بِالرَّجُلِ) : الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فَاعِلُ كَفَى، وَالتَّمْيِيزُ مَحْذُوفٌ أَيْ: مَسَبَّةً وَعَارًا أَوْ نُقْصَانًا (أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا) : بَيَانٌ لِلتَّمْيِيزِ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» "، وَهُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْبَذَاءِ بِمَعْنَى: الْكَلَامِ الْقَبِيحِ فَقَوْلُهُ: (فَاحِشًا) : عَطْفُ بَيَانٍ لَهُ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْبَذِيُّ كَرَضِيٍّ الرَّجُلُ الْفَاحِشُ (بَخِيلًا) أَيْ: جَامِعًا بَيْنَ إِطَالَةِ اللِّسَانِ وَتَقْصِيرِ الْإِحْسَانِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>