للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: ٣٤] ; لِأَنَّ الدِّرَايَةَ اكْتِسَابُ عِلْمِ الشَّيْءِ بِحِيلَةٍ فَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ عَنْ كُلِّ نَفْسٍ مَعَ كَوْنِهِ مُخْتَصًّا بِهَا، وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ عَلَى عِلْمٍ كَانَ عَدَمُ اطِّلَاعِهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ ذَاتُ النَّفْسِ، أَوْ ذَاتُ الرُّوحِ، وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُ النَّفْسِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلِذَا قِيلَ بِالْمُشَاكَلَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: ١١٦] وَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهَا الذَّاتُ الْمُطْلَقُ فَيَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا وَرَدَ: (سُبْحَانَكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ) . (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) أَيْ: بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا وَكُلِّيَّاتِهَا خُصُوصًا وَغَيْرِهَا عُمُومًا (خَبِيرٌ) أَيْ: بِبَاطِنِهَا، كَمَا أَنَّهُ عَالِمٌ بِظَاهِرِهَا، مَعْنَاهُ يُخْبِرُ بِبَعْضِهَا مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا لِبَعْضِ عِبَادِهِ الْمَخْصُوصِينَ، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي مَوَاضِعِ كِتَابِهِ أَنَّ عِلْمَ السَّاعَةِ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ، ثُمَّ أَدْبَرَ، فَقَالَ: (رُدُّوهُ) فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى مَرْوِيِّ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَكِنِ اسْتَدْرَكَهُ مِيرَكُ، وَقَالَ: إِلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَقُلْ: (الصُّمَّ الْبُكْمَ مُلُوكَ الْأَرْضِ) ، بَلْ قَالَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ: (وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمِ فِي الْبُنْيَانِ) وَفِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ: (وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ فَذَلِكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا) ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ بِمَعْنَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>