للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ) - يَعْنِي الِاسْتِنْجَاءَ - قَالَ الرَّاوِي: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةُ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٣٧٩ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ» ": أَيْ: عَشْرُ خِصَالٍ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَقْتَدِيَ بِهِمْ، فَكَأَنَّا فُطِرْنَا عَلَيْهَا كَذَا نُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة: ١٢٤] . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ السُّنَّةُ الَّتِي فُطِرَ إِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى التَّدَيُّنِ بِهَا، أَوْ فُطِرَ النَّاسُ عَلَيْهَا وَرُكِّبَ فِي عُقُولِهِمُ اسْتِحْسَانُهَا، وَهَذَا أَظْهَرُ أَوْ مِنْ تَوَابِعِ الدِّينِ، وَالْفِطْرَةُ الدِّينُ، وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ، قِيلَ: وَهَذَا أَوْجَهُ، قَالَ تَعَالَى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: ٣٠] أَيْ: دِينُ اللَّهِ الَّذِي اخْتَارَهُ لِأَوَّلِ مَفْطُورٍ مِنَ الْبَشَرِ، وَقِيلَ: أَيْ مِنْ سُنَّةِ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ أُمِرَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاتِّبَاعِهِمْ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ - أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النحل: ٩٠ - ١٢٣] وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ " قَصُّ الشَّارِبِ ": قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَيُسَنُّ إِحْفَاؤُهُ حَتَّى تَبْدُوَ حُمْرَةُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا، وَلَا يُحْفِيهِ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْأَمْرُ بِإِحْفَائِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذُكِرَ، وَخُرِّجَ بِقَصِّهِ حَلْقُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ، وَقِيلَ سُنَّةٌ لِرِوَايَةٍ بِهِ حُمِلَتْ عَلَى الْإِحْفَاءِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ " وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ". قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: أَيْ تَوْفِيرُهَا يُقَالُ: عَفَا النَّبْتُ إِذَا كَثُرَ وَأَعْفَوْتُهُ أَنَا وَأَعْفَيْتُهُ لُغَتَانِ، وَقَصُّ اللِّحْيَةِ مِنْ صُنْعِ الْأَعَاجِمِ وَهُوَ الْيَوْمَ شِعَارُ كَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ كَالْإِفْرِنْجِ وَالْهُنُودِ، وَمَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الدِّينِ مِنَ الطَّائِفَةِ الْقَلَنْدَرِيَّةِ. وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ أَطْرَافِ اللِّحْيَةِ طُولِهَا أَوْ عَرْضِهَا لِلتَّنَاسُبِ فَحَسَنٌ، لَكِنَّ الْمُخْتَارَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا إِذَا نَبَتَتِ اللِّحْيَةُ لِلْمَرْأَةِ فَيُسْتَحَبُّ لَهَا حَلْقُهَا " وَالسِّوَاكُ " قِيلَ: لَا يُسَنُّ فِي الْمَسْجِدِ إِذَا خُشِيَ تَطَايُرُ شَيْءٍ مِنَ الرِّيقِ أَوْ نَحْوِهِ إِلَيْهِ، ثُمَّ السِّوَاكُ سُنَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَالَ دَاوُدُ: وَاجِبٌ، وَزَادَ إِسْحَاقُ فَقَالَ: إِنْ تَرَكَهُ عَامِدًا بَطُلَتْ صَلَاتُهُ " وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ ": وَهُوَ كَالْمَضْمَصَةِ الْآتِيَةِ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ فَرْضَانِ فِي الْغُسْلِ عِنْدَنَا وَسُنَّتَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ بِوُجُوبِهِمَا " وَقَصُّ الْأَظْفَارِ ": أَيْ: تَقْلِيمُهَا وَتَحْصُلُ سُنِّيَّتُهَا بِأَيِّ كَيْفِيَّةٍ كَانَتْ، وَأَوْلَاهَا أَنْ يَبْدَأَ فِي الْيَدَيْنِ بِمِسْبَحَةِ الْيُمْنَى ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْبِنْصَرِ ثُمَّ الْخِنْصَرِ ثُمَّ الْإِبْهَامِ، ثُمَّ خِنْصَرِ الْيَدِ الْيُسْرَى ثُمَّ بِنْصَرِهَا ثُمَّ وُسْطَاهَا ثُمَّ مِسْبَحَتِهَا ثُمَّ إِبْهَامِهَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ بِخِنْصَرِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ الْيُسْرَى " وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ " بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ أَيِ الْعُقَدُ الَّتِي عَلَى ظَهْرِ مَفَاصِلِ الْأَصَابِعِ، وَالَّذِي فِي بَوَاطِنِهَا رَوَاجِبُ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ، كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ. وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: الْبَرَاجِمُ مَفَاصِلُ الْأَصَابِعِ اللَّاتِي بَيْنَ الْأَسَاجِعِ، وَالرَّوَاجِبُ وَالرَّوَاجِي الْمَفَاصِلُ الَّتِي تَلِي الْأَنَامِلَ وَبَعْدَهَا الْبَرَاجِمُ وَبَعْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>