بِتَفْسِيرِهِ وَتَأْوِيلِهِ، وَلِذَا قِيلَ: اشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعَمَلِ، وَاشْتَغِلْ بِالْعَمَلِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعِلْمِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مَذْمُومٌ وَالْمَحْمُودُ هُوَ الْوَسَطُ الْعَادِلُ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَغْلِبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ خِلَافًا لِمَنْ كَانَ عَكْسُهُ، فَإِنَّ الْبُعْدَ عَنْهُ أَفْضَلُ، وَلِذَا قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: مَنْ قَالَ فِي هَذَا الزَّمَانِ سُلْطَانُنَا عَادِلٌ، فَهُوَ كَافِرٌ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو كُلُّ سُلْطَانٍ عَنْ نَوْعِ عَدْلٍ، وَتَحْقِيقُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ يَعْدِلُ وَبَيْنَ الْعَادِلِ، فَإِنَّ الثَّانِيَ يُطْلَقُ عُرْفًا عَلَى مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْعَدْلِ عَلَى طَرِيقِ الدَّوَامِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ الْمُصَلِّي وَفُلَانٌ الَّذِي يُصَلِّي، هَذَا وُفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ طَاوُسٌ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ تُوَقِّرَ أَرْبَعَةً: الْعَالِمَ وَذَا الشَّيْبَةِ وَالسُّلْطَانَ وَالْوَالِدَ. قُلْتُ: وَفِي مَعْنَاهُ الْوَالِدَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَالِمِ: هُوَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: (حَامِلُ الْقُرْآنِ) . وَلَعَلَّ عَدَمَ ذِكْرِ الْوَالِدِ فِي الْحَدِيثِ لِظُهُورِهِ وَعُمُومِهِ، أَوْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجَانِبِ، فَإِذَا كَانَ الْأَبُ شَيْخًا وَحَامِلًا لِلْقُرْآنِ وَسُلْطَانًا ظَاهِرِيًّا فَيَزْدَادُ إِجْلَالُهُ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْظِيمُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ) . وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي الْجَامِعِ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ «مِنَ الْإِجْلَالِ تَوْقِيرُ الشَّيْخِ مِنْ أُمَّتِي» ، وَلَعَلَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ يُطْلَقُ عَلَى ذِي الشَّيْبَةِ وَالْعَالِمِ وَالرَّئِيسِ، وَمِنْهُ مَا رُوِيَ: الشَّيْخُ فِي قَوْمِهِ كَالنَّبِيِّ فِي أُمَّتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute