٤٩٩٧ - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً، وَاحِدَةٌ فِيهَا صَلَاحُ أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ لَهُ دَرَجَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ".
ــ
٤٩٩٧ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا» ) أَيْ: ضَعِيفًا مُتَحَيِّرًا. وَفِي النِّهَايَةِ مَكْرُوبًا ( «كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً» ) : حِكْمَةُ الْعَدَدِ مُفَوَّضٌ إِلَى صَاحِبِ الْوَحْيِ، وَلَعَلَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مَثُوبَتَهُ مَزِيدَةٌ بِوَصْفِ الْجَمْعِيَّةِ عَلَى الْعَدَدِ الْمَشْهُورِ فِي الْكَثْرَةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالنَّظَرِ إِلَى صَاحِبِ الْحِسَابِ عَدَدُ الثَّلَاثِ مَأْخُوذٌ مِنْ ثَلَاثَةِ الْحُرُوفِ فِي آخِرِ الْمَلْهُوفِ، وَعَدَدُ السَّبْعِينَ مِنْ مَجْمُوعِ الْمِيمِ وَاللَّامِ، وَهَذَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْمِيَةِ وَالْإِبْهَامِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمَرَامِ. (وَاحِدَةٌ فِيهَا صَلَاحُ أَمْرِهِ كُلِّهِ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا (وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ لَهُ دَرَجَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : فِيهِ إِشَارَةٌ خَفِيَّةٌ إِلَى بِشَارَةِ حِلْيَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْمَغْفِرَةَ الْوَاحِدَةَ تَعُمُّ جَمِيعَ ذُنُوبِهِ فِي الدُّنْيَا، وَيُعَوَّضُ عَنْ سَائِرِ أَعْدَادِ الْمَغْفِرَةِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الْعُقْبَى، وَلَعَلَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَأْخَذُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ كَالنَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْمُكَفِّرَاتِ إِذَا اجْتَمَعَتْ فَتَتَوَجَّهُ أَوَّلًا إِلَى مَحْوِ الصَّغَائِرِ، ثُمَّ إِلَى تَخْفِيفِ الْكَبَائِرِ مِنَ السَّيِّئَاتِ، ثُمَّ تَكُونُ سَبَبًا لِرَفْعِ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَاتِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: فِيهِ أَنَّ غُفْرَانَ الذُّنُوبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى فَتْحِ بَابِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى، وَمِنْ ثَمَّ قَدَّمَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢] عَلَى قَوْلِهِ: " {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} [الفتح: ٢] " {وَيَهْدِيَكَ} [الفتح: ٢] ; لِأَنَّ التَّحْلِيَةَ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ اهـ. فَتَأَمَّلْ يَظْهَرُ لَكَ مَا لَا يَخْفَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute