للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٠١ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ: " امْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ، وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

٥٠٠١ - (وَعَنْهُ) : أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَنَّ رَجُلًا شَكَا) : يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ بِالْأَلْفِ كَدَعَا وَعَفَا، وَيَجُوزُ كِتَابَتُهَا بِالْيَاءِ أَيْضًا ; لِأَنَّ (شَكَيْتُ) لُغَةٌ فِي شَكَوْتُ (إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسْوَةَ قَلْبِهِ) أَيْ: قَسَاوَتَهُ وَشِدَّتَهُ وَقِلَّةَ رِقَّتِهِ وَعَدَمَ أُلْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ ( «قَالَ: امْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ» ) : لِتَتَذَكَّرَ الْمَوْتَ فَيَغْتَنِمَ الْحَيَاةَ، فَإِنَّ الْقَسْوَةَ مَنْشَؤُهَا الْغَفْلَةُ. ( «وَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ» ) : لِتَرَى آثَارَ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكَ حَيْثُ أَغْنَاكَ، وَأَحْوَجَ إِلَيْكَ سِوَاكَ فَيَرِقَّ قَلْبُكَ وَيَزُولَ قَسْوَتُهُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ تَخْصِيصِهِمَا بِالذِّكْرِ أَنَّ الرَّحْمَةَ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مُوجِبَةٌ لِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ الْمُتَخَلِّقِ بِبَعْضِ صِفَاتِهِ، فَيُنْزِلُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةَ، وَيَرْفَعُ عَنْهُ الْقَسْوَةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنِ ارْتِكَابِ أَسْبَابِ تَحْصِيلِ الْأَخْلَاقِ بِالْمُعَالَجَةِ الْعِلْمِيَّةِ أَوْ بِالْعَمَلِيَّةِ، أَوْ بِالْمَعْجُونِ الْمُرَكَّزِ مِنْهُمَا عَلَى مَا بَيَّنَهُ فِي الْإِحْيَاءِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ تَلْمِيحًا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٤] ، وَمُرَاعَاتُهُمَا مِنِ اقْتِحَامِ الْعَقَبَةِ الشَّاقَّةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مُعَانَاةِ الْمَشَقَّةِ وَمُجَاهَدَةِ النَّفْسِ، فَمَنِ اقْتَحَمَ تِلْكَ الْعَقَبَةَ يَرِقُّ قَلْبُهُ وَتَسْمَحُ نَفْسُهُ فِي تَعَاطِي كُلِّ خَيْرٍ، وَفِيهِ أَنَّ مَنِ ابْتُلِيَ بِدَاءٍ مِنَ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ يَكُونُ تَدَارُكُهُ بِمَا يُضَادُّهُ مِنَ الدَّوَاءِ فَالتَّكَبُّرُ يُدَاوَى بِالتَّوَاضُعِ، وَالْبُخْلُ بِالسَّمَاحَةِ، وَقَاسِي الْقَلْبِ بِالتَّعَطُّفِ وَالرِّقَّةِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>