للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٠٩ - وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: " وَيْلَكَ! وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ ". قَالَ: مَا أَعْدَدْتُ لَهَا إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. قَالَ: " أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ " قَالَ أَنَسٌ: فَمَا رَأَيْتُ الْمُسْلِمِينَ فَرِحُوا بِشَيْءٍ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحَهُمْ بِهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٥٠٠٩ - (وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟» ) أَيْ: وَقْتُ قِيَامِ الْقِيَامَةِ، وَلَمَّا كَانَ السُّؤَالُ مُحْتَمِلًا لِأَنَّ يَكُونَ تَعَنُّتًا وَإِنْكَارًا لَهَا، وَأَنْ يَكُونَ تَصْدِيقًا بِهَا وَإِشْفَاقًا مِنْهَا وَاشْتِيَاقًا لِلِقَاءِ رَبِّهَا. (قَالَ) : امْتِحَانًا لَهُ (وَيْلَكَ! وَمَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟) : وَإِلَّا لَوْ تَحَقَّقَ عِنْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيمَانُهُ بِهَا وَإِيقَانُهُ إِلَّا لَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ بَدَلَ وَيْلَكَ. (قَالَ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا إِلَّا أَنِّي أَحَبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) : وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَهُ مِنَ الْعِبَادَاتِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ ; لِأَنَّهَا كُلُّهَا فُرُوعٌ لِلْمَحَبَّةِ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ أَعْلَمُ مَنَازِلِ السَّائِرِينَ، وَأَعْلَى مَقَامَاتِ الطَّائِرِينَ، فَإِنَّهَا بَاعِثَةٌ لِمَحَبَّةِ اللَّهِ أَوْ نَتِيجَةٌ لَهَا. قَالَ تَعَالَى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: ٥٤] وَقَالَ: " {إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] " فَكَانَ مِنَ الْمَعْلُومِ الْوَاضِحِ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمَحَبَّةَ الْمُجَرَّدَةَ مِنْ غَيْرِ الْمُتَابَعَةِ لَيْسَ لَهَا كَثِيرُ فَائِدَةٍ وَلَا كَبِيرُ عَائِدَةٍ، (قَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ) أَيْ: مُلْحَقٌ بِمَنْ غَلَبَ مَحَبَّتُهُ عَلَى مَحَبَّةِ غَيْرِهِ مِنَ النَّفْسِ وَالْأَهْلِ وَالْمَالِ، وَمُدْخَلٌ فِي زُمْرَتِهِ، وَمِنْ عَلَامَةِ الْمَحَبَّةِ الصَّادِقَةِ أَنْ يَخْتَارَ أَمْرَ الْمَحْبُوبِ وَفِيهِ عَلَى مُرَادِ غَيْرِهِ، وَلِذَا قَالَتْ رَابِعَةُ الْعَدَوِيَّةُ:

تَعْصِي الْإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ ... هَذَا لَعَمْرُكَ فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ ... إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>