(مَرَّتَيْنِ) : أَيْ: عُرْضَتَيْنِ (يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ) : نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنْ مَرَّتَيْنِ، لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَرْضَ مَرَّتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنَ الْيَوْمَيْنِ. قَالَ الْقَاضِي: أَرَادَ بِالْجُمُعَةِ الْأُسْبُوعَ، وَعَبَّرَ عَنِ الشَّيْءِ بِآخِرِهِ وَمَا يَتِمُّ لَهُ وَيُوجَدُ عِنْدَهُ، وَالْمَعْرُوضُ عَلَيْهِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ مَلَكٌ وَكَّلَهُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ صُحُفِ الْأَعْمَالِ وَضَبْطِهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ التَّصْرِيحُ (فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلَّا عَبْدًا) : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمَصَابِيحِ إِلَّا عَبْدٌ عَلَى الرَّفْعِ، وَهُوَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ بِالنَّصْبِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، فَإِنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ كَلَامٍ مُوجَبٍ، وَبِهِ وَرَدَتِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ (بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: اتْرُكُوا هَذَيْنِ) : أَوْ أَوْقِفُوا أَمْرَ مَغْفِرَتِهِمَا (حَتَّى يَفِيئَا) : مُضَارِعٌ مُثَنَّى مِنْ فَاءَ إِذَا رَجَعَ أَيْ حَتَّى يَرْجِعَا مِنَ الْعَدَاوَةِ إِلَى الْمَحَبَّةِ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) : وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدَ بِلَفْظِ: " «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ عَلَى اللَّهِ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مُتَشَاحِنَيْنِ أَوْ قَاطِعِ رَحِمٍ» " وَفِي رِوَايَةِ الْحَكِيمِ، عَنْ وَالِدِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَلَفْظُهُ: " «تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَتُعْرَضُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَيَفْرَحُونَ بِحَسَنَاتِهِمْ وَتَزْدَادُ وُجُوهُهُمْ بَيَاضًا وَإِشْرَاقًا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُؤْذُوا مَوْتَاكُمْ» ". وَبِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ يَظْهَرُ وَجْهُ حِكْمَةِ النَّهْيِ عَنِ الْمُهَاجَرَةِ فَوْقَ ثَلَاثٍ، كَيْلَا يَقَعَ مَحْرُومًا عَنِ الْمَغْفِرَةِ فِي يَوْمَيْ عَرْضِ الْأَعْمَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْأَحْوَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute