٥٠٣١ - وَعَنْ أُمِّ كُلْثُومَ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا وَيَنْمِي خَيْرًا ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَزَادَ مُسْلِمٌ قَالَتْ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ - تَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبٌ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ: الْحَرْبُ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَحَدِيثُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا» . وَذَكَرَ حَدِيثَ جَابِرٍ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ " فِي " بَابِ الْوَسْوَسَةِ ".
ــ
٥٠٣١ - (وَعَنْ أُمِّ كُلْثُومَ) : بِضَمِّ الْكَافِ وَيُفْتَحُ فَفِي الْمُغْنِي بِضَمِّ كَافٍ وَسُكُونِ لَامٍ وَضَمِّ مُثَلَّثَةٍ. وَفِي الْقَامُوسِ الْكُلْثُومُ كَزُنْبُورِ الْكَثِيرُ لَحْمِ الْخَدَّيْنِ وَأَطْلَقَ الزُّنْبُورَ فِي بَابِهِ فَمُقْتَضَاهُ الْفَتْحُ قَالَ وَأُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَا مَيَّزَهَا الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ مُبْدَلًا (بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ) : بِالتَّصْغِيرِ أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَهَاجَرَتْ مَاشِيَةً وَبَايَعَتْ وَسَبَقَ بَقِيَّةُ تَرْجَمَتِهَا (قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيْسَ الْكَذَّابُ) أَيْ: ذُو الْكَذِبِ (الَّذِي) : وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ بِالَّذِي (يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ) أَيْ: بِكَذِبِهِ (وَيَقُولُ خَيْرًا) أَيْ: لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ مَا يُفِيدُ النَّصِيحَةَ الْمُقْتَضِيَةَ إِلَى الْخَيْرِ، وَالتَّقْدِيرُ: كَلَامَ خَيْرٍ أَوْ قَوْلَ خَيْرٍ أَيْ حَسَنًا، أَوْ يَقُولُ كَلَامَ خَيْرٍ الَّذِي رُبَّمَا سَمِعَهُ مِنْهُ وَيَدَعُ شَرَّهُ عَنْهُ. (وَيَنْمِي خَيْرًا) : بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ: وَيُبْلِغُهُ لَهُمَا مَا لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْهُمَا مِنَ الْخَيْرِ بِأَنْ يَقُولَ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ وَيُحِبُّكَ وَمَا يَقُولُ فِيكَ إِلَّا خَيْرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْقَاضِي: أَيْ يُبَلِّغُ خَيْرَ مَا سَمِعَهُ وَيَدَعُ شَرَّهُ قُلْتُ: فَلَا يَظْهَرُ وَجْهُ نَفْيِ الْكَذِبِ عَنْهُ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَعْنَى اسْتِثْنَاءِ الْكَذِبِ، وَسَيَأْتِي صَرِيحُ الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ، يُقَالُ: نَمَيْتُ الْحَدِيثَ مُخَفَّفًا فِي الْإِصْلَاحِ، وَنَمَّيْتُهُ مُثْقَلًا فِي الْإِفْسَادِ، وَكَانَ الْأَوَّلُ مِنَ النَّمَاءِ لِأَنَّهُ رَفْعٌ لِمَا يَبْلُغُهُ، وَالثَّانِي مِنَ النَّمِيمَةِ. قُلْتُ: مُرَادُهُ أَنَّ أَصْلَ الثَّانِي نَمَمْتُهُ بِالْمِيمَيْنِ وَإِبْدَالِ الثَّانِيَةِ، كَمَا فِي: تَقْضِي الْبَازِيَّ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، فَفِي الْقَامُوسِ ذَكَرَهُمَا فِي مَادَّةٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ: نَمَا يَنْمُو زَادَ كَنَمَى يُنَمِّي وَأَنْمَى وَنَمَّى، وَالْحَدِيثُ ارْتَفَعَ وَنَمَيْتُهُ رَفَعْتُهُ، وَأَنْمَاهُ أَذَاعَهُ عَلَى وَجْهِ النَّمِيمَةِ اهـ.
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُخَفَّفَ وَالْمُثَقَّلَ مِنْهُمَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّمَا الْإِنْمَاءُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِفْسَادِ، وَعُبِّرَ عَنْهُ بِالنَّمِيمَةِ لَا مُشْتَقَّ مِنْهَا، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَيَنْمِي الْمُخَفَّفُ فِي الْحَدِيثِ مُتَعَيِّنٌ لِمَعْنَى الْإِصْلَاحَ فَقَوْلُهُ خَيْرًا لِإِفَادَةِ التَّأْكِيدِ، أَوْ عَلَى قَاعِدَةِ التَّجْرِيدِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّقْيِيدِ، وَهُوَ الْأَصْهَرُ فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا نُفِيَ عَنِ الْمُصْلِحِ كَوْنُهُ كَذَّابًا بِاعْتِبَارِ قَصْدِهِ دُونَ قَوْلِهِ قُلْتُ الْقَصْدُ صَحِيحٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ دُونَ قَوْلِهِ فَمُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْ. وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ الْمَرَامِ نَقْلًا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْكِرَامِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِلَفْظِ: فَيَنْمِي خَيْرًا. رَوَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute