٥٠٤٨ - وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: «اعْتَلَّ بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْنَبَ: " أَعْطِيهَا بَعِيرًا " فَقَالَتْ: أَنَا أُعْطِي تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ؟ ! فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَجَرَهَا ذَا الْحُجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَبَعْضَ صَفَرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَذُكِرَ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ: " مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا " فِي " بَابِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ ".
ــ
٥٠٤٨ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اعْتَلَّ) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ مَرِضَ (بَعِيرٌ لِصَفِيَّةَ) : الْمُرَادُ بِهَا هَنَا بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سِبْطِ هَارُونَ، كَانَتْ تَحْتَ كِنَانَةَ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، فَقُتِلَ يَوْمَ خَيْبَرَ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ سَبْعٍ، وَوَقَعَتْ فِي السَّبْيِ، فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَتْ وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، وَمَاتَتْ سَنَةَ خَمْسِينَ وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ، وَرَوَى عَنْهَا أَنَسٌ وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا. (وَعِنْدَ زَيْنَبَ فَضْلُ ظَهْرٍ) أَيْ: مَرْكَبٌ فَاضِلٌ عَنْ حَاجَتِهَا وَهِيَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَيْضًا بِنْتُ جَحْشٍ، وَأُمُّهَا أُمَيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَحْتَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَطَلَّقَهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَةَ خَمْسٍ مَنَاقِبُهَا جَمَّةٌ، رَوَتْ عَنْهَا عَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ وَغَيْرُهُمَا. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ لِزَيْنَبَ: أَعْطِيهَا) أَيْ: صَفِيَّةَ (بَعِيرًا. فَقَالَتْ: أَنَا أُعْطِي) : بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ، وَلَعَلَّ حَذْفَ الْمَفْعُولِ لِإِفَادَةِ الْعُمُومِ مُبَالَغَةٌ فِي النَّفْيِ أَيْ أَنَا مَا أُعْطِي شَيْئًا (تِلْكَ الْيَهُودِيَّةَ؟) أَيْ: بِاعْتِبَارِ مَا كَانَتْ ; وَإِنَّمَا حَمَلَهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْغَيْرَةُ الْمُنْضَمَّةُ إِلَى كَوْنِهَا مِنْ أَكَابِرِ قُرَيْشٍ، لَكِنَّهَا خَالَفَتْ مِنْ حَيْثُ الْمُخَالَفَةُ وَسُوءُ الْمُخَالَفَةِ. (فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَجَرَهَا ذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ) : بِالنَّصْبِ (وَبَعْضَ صَفَرٍ) . قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ جَوَازُ الْهِجْرَانِ فَوْقَ ثَلَاثٍ لِفِعْلِ الْقَبِيحِ، يَعْنِي عَلَى قَصْدِ الزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ لَا عَلَى إِرَادَةِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ وَالشَّحْنَاءِ، وَبِهِ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا سَبَقَ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) . قَالَ صَاحِبُ التَّصْحِيحِ: رِجَالُهُ رِجَالُ مُسْلِمٍ إِلَّا سُمَيَّةَ الْبَصْرِيَّةَ الرَّاوِيَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَلَمْ يُخَرِّجْ لَهَا مُسْلِمٌ اهـ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: سُمَيَّةُ لَمْ تَثْبُتْ. وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: مَقْبُولَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ نَقَلَهُ مِيرَكُ.
(وَذُكِرَ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ: مَنْ حَمَى مُؤْمِنًا) أَيْ: مِنْ مُنَافِقٍ الْحَدِيثُ بِطُولِهِ (فِي بَابِ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute