للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٧١ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

٥٠٧١ - (وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ) : هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ شَهِدَ الْعَقَبَةَ، رَوَى عَنْهُ ابْنُهُ بَشِيرٌ وَخَلْقٌ سِوَاهُ قَالَ مِيرَكُ: وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ غَلَطٌ. (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ) : بِالرَّفْعِ نَصَّ الْكَازْرُونِيُّ عَلَى أَنَّهُ الرِّوَايَةُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالنَّصْبِ أَيْ: مِمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ وَظَفِرُوا بِهِ وَلَحِقُوهُ (مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ) : (مِنْ) تَبْعِيضِيَّةٌ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَخْبَارِ أَصْحَابِ النُّبُوَّةِ (الْأُولَى) أَيِ: السَّابِقَةِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ أَضَافَهُ إِلَيْهِمْ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ مِنْ نَتَائِجِ الْوَحْيِ (إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ) : بِسُكُونِ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْيَاءِ وَحَذْفِ الثَّانِيَةِ لِلْجَزْمِ (فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ) أَيِ: الرَّادِعُ عَمَّا لَا يَنْبَغِي هُوَ الْحَيَاءُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ صَدَرَ كُلُّ مَا لَا يَنْبَغِي فَالْأَمْرُ بِمَعْنَى الْخَبَرِ أَوِ الْأَمْرُ لِلتَّهْدِيدِ وَأَنْشَدَ:

إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي ... وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ

فَلَا وَاللَّهِ مَا فِي الْعَيْشِ خَيْرٌ ... وَفِي الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الْحَيَاءُ

قَالَ الطِّيبِيُّ: مَنْ فِي مِمَّا ابْتِدَائِيَّةٌ، وَهُوَ خَبَرُ إِنَّ وَاسْمُهُ قَوْلُهُ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ عَلَى تَأْوِيلِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ حَاصِلٌ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ، وَالرَّاجِعُ إِلَى مَا مَحْذُوفٌ وَالنَّاسُ فَاعِلُ أَدْرَكَ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الشَّيْخِ التُّورِبِشْتِيِّ حَيْثُ قَالَ: الْمَعْنَى أَنَّ مِمَّا بَقِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَأَدْرَكُوهُ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلَ أَدْرَكَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ إِلَى " مَا " وَالنَّاسُ مَفْعُولُهُ، وَعَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي أَيْ مِمَّا بَلَغَ النَّاسَ مِنْ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّ الْحَيَاءَ هُوَ الْمَانِعُ مِنِ اقْتِرَافِ الْقَبَائِحِ وَالِاشْتِغَالِ بِمَنْهِيَّاتِ الشَّرْعِ وَمُسْتَحَبَّاتِ الْعَقْلِ، وَقَوْلُهُ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ الْجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ اسْمُ إِنَّ عَلَى الْحِكَايَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، قَوْلُهُ: مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى مَعْنَاهُ اتِّفَاقُ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْحَيَاءِ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ نَدَبَ إِلَيْهِ، وَبَعَثَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُنْسَخْ فِيمَا نُسِخَ مِنْ شَرَائِعِهِمْ، وَلَمْ يُبَدَّلْ فِيمَا بُدِّلَ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ قَدْ عُلِمَ صَوَابُهُ وَبَانَ فَضْلُهُ، وَاتَّفَقَتِ الْعُقُولُ عَلَى حُسْنِهِ، وَمَا كَانَ هَذَا صِفَةً لَهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ النَّسْخُ وَالتَّبْدِيلُ، وَقَيَّدَ النُّبُوَّةَ بِالْأُولَى لِلْإِرْشَادِ إِلَى اتِّفَاقِ كَلِمَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ أَوَّلِهِمْ إِلَى آخِرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>