للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٧٢ - وَعَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ: " الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٥٠٧٢ - (وَعَنِ النَّوَّاسِ) : بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ (ابْنِ سَمْعَانَ) : بِكَسْرِ السِّينِ وَيُفْتَحُ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ (قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْبِرِّ) أَيِ: الطَّاعَةِ (وَالْإِثْمِ) أَيِ: الْمَعْصِيَةِ (فَقَالَ: الْبِرُّ) أَيْ: أَعْظَمُ خِصَالِهِ أَوِ الْبِرُّ كُلُّهُ مُجْمَلًا (حُسْنُ الْخُلُقِ) أَيْ: مَعَ الْخَلْقِ بِأَمْرِ الْحَقِّ أَوْ مُدَارَاةُ الْخَلْقِ، وَمُرَاعَاةُ الْحَقِّ. قِيلَ: فُسِّرَ الْبِرُّ فِي الْحَدِيثِ بِمَعَانٍ شَتَّى فَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِمَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَفَسَّرَهُ فِي مَوْضِعٍ بِالْإِيمَانِ، وَفِي مَوْضِعٍ بِمَا يُقَرِّبُكَ إِلَى اللَّهِ، وَهُنَا بِحُسْنِ الْخُلُقِ، وَفُسِّرَ حُسْنُ الْخُلُقِ بِاحْتِمَالِ الْأَذَى وَقِلَّةِ الْغَضَبِ وَبَسْطِ الْوَجْهِ وَطِيبِ الْكَلَامِ، وَكُلُّهَا مُتَقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: الْبِرُّ هُنَا الصِّلَةُ وَالتَّصَدُّقُ وَالطَّاعَةُ، وَيَجْمَعُهَا حُسْنُ الْخُلُقِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: تَلْخِيصُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنْ يُقَالَ: الْبِرُّ اسْمٌ جَامِعٌ لِأَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ وَالْأَعْمَالِ الْمُقَرِّبَاتِ، وَمِنْهُ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، وَهُوَ اسْتِرْضَاؤُهُمَا بِكُلِّ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْبِرَّ مِنْ خَوَاصِّ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ أَيْ: كَمَالُ الْبِرِّ إِذْ لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يُوجَدَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ يُوصَفُ بِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِمَا مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: حُسْنُ الْخُلُقِ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حُسْنِ الْعِشْرَةِ، وَالصُّحْبَةِ مَعَ الْخَلْقِ بِأَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُمْ أُسَرَاءُ الْأَقْدَارِ، وَإِنْ كَانَ مَا لَهُمْ مِنَ الْخُلُقِ وَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْأَجَلِ بِمِقْدَارٍ، فَيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ حَسَبَ الِاقْتِدَارِ، فَيَأْمَنُونَ مِنْهُ وَيُحِبُّونَهُ بِالِاخْتِيَارِ. قُلْتُ: وَقَدْ أَشَارَ الشَّاطِبِيُّ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ:

يُعَدُّ جَمِيعُ النَّاسِ مَوْلًى لِأَنَّهُمْ ... عَلَى مَا قَضَاهُ اللَّهُ يَجْرُونَ أَفْعُلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>