للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ: هِيَ، أَوْ إِحْدَاهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ: مِنْهَا شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَ (أَنْ) مُخَفَّفَةٌ، وَ (لَا) نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ، وَ (إِلَهَ) اسْمُهَا رُكِّبَ مَعَهَا تَرْكِيبَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَفَتْحَةُ فَتْحَتِهِ بِنَاءٌ لَا إِعْرَابٌ خِلَافًا لِلزَّجَّاجِ حَيْثُ زَعَمَ أَنَّهُ نُصِبَ بِهَا لَفْظًا، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ اتِّفَاقًا تَقْدِيرُهُ مَوْجُودٌ إِنْ أُرِيدَ بِالْإِلَهِ الْمَعْبُودُ بِحَقٍّ، وَإِلَّا فَتَقْدِيرُهُ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ، وَإِلَّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى غَيْرِ، وَهِيَ مَعَ مَا بَعْدَهَا صِفَةُ اللَّهِ، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ، وَجَوَّزَ نَصْبَ الْجَلَالَةِ نَعْتًا لِإِلَهٍ عَلَى أَنَّ إِلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ، وَقِيلَ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَاللَّهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَقِيلَ بَدَلٌ مِنَ اسْمِ لَا بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ قَبْلَهَا، وَقِيلَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ لَا [ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ) ] أَيِ: الْكَامِلُ [ (وَرَسُولُهُ) أَيْ: الْمُكَمِّلُ، وَلِتَلَازُمِ الشَّهَادَتَيْنِ شَرْعًا جُعِلَتَا خَصْلَةً وَاحِدَةً، وَاقْتَصَرَ فِي رِوَايَةٍ عَلَى إِحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ اكْتِفَاءً، أَوْ نِسْيَانًا. قِيلَ: وَأُخِذَ مِنْ جَمْعِهِمَا كَذَلِكَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا عَلَى التَّوَالِي، وَالتَّرْتِيبِ، [ (وَإِقَامِ الصَّلَاةِ) ] أَيْ: الْمَفْرُوضَةِ، وَحُذِفَتْ تَاءُ الْإِقَامَةِ الْمُعَوَّضَةِ عَنْ عَيْنِ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفَةِ عِنْدَ الْإِضَافَةِ لِطُولِ الْعِبَارَةِ، هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ عَلَى مَا قَالَهُ الزُّجَاجُ، وَقِيلَ هُمَا مَصْدَرَانِ. [ (وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ) ] أَيْ: إِعْطَائِهَا وَتَمْلِيكِهَا لِمَصَارِفِهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ الْمَكْتُوبَةُ [ (وَالْحَجِّ) ] : بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مَصْدَرَانِ، وَفِي رِوَايَةٍ، وَحَجِّ الْبَيْتِ أَيْ: قَصْدِهِ لِأَدَاءِ النُّسُكِ فَاللَّامُ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَقِيلَ اللَّامُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَالْوَاوُ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الصَّوْمَ فُرِضَ قَبْلَ الزَّكَاةِ، وَهِيَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَلَعَلَّ النُّكْتَةَ فِي التَّقْدِيمِ الذِّكْرِيِّ هِيَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ إِمَّا بَدَنِيَّةٌ فَقَطْ، أَوْ مَالِيَّةٌ فَقَطْ، أَوْ مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا، أَوْ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الطَّاعَةَ الْمُثَلَّثَةَ إِمَّا يَوْمِيَّةٌ، أَوْ سَنَوِيَّةٌ، أَوْ عُمْرِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ الِاسْتِطَاعَةَ ; لِشُهْرَتِهَا، أَوْ عَلَى اعْتِبَارِهَا فِي كُلِّ طَاعَةٍ.

[ (وَصَوْمِ رَمَضَانَ) ] أَيْ: أَيَّامِهِ بِشَرَائِطَ، وَأَرْكَانٍ مَعْلُومَةٍ. قِيلَ: فِيهِ حَذْفُ شَهْرٍ، وَفِيهِ أَنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ لِلشَّهْرِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: ١٨٥] إِضَافَتُهُ بَيَانِيَّةٌ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَجِّ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَلِذَا قَدَّمَ الْبُخَارِيُّ كِتَابَ الْحَجِّ عَلَى الصَّوْمِ، وَالْجُمْهُورُ أَخَّرُوهُ عَنْ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ لِكَوْنِ وُجُوبِهِ يَتَعَلَّقُ بِآخِرِ الْعُمْرِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُفْتَتَحِ كِتَابِ الْإِيمَانِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يُطْلَقُ عَلَى الْأَفْعَالِ، وَأَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ قَدْ يَكُونَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَجْهُ ذِكْرِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمَا فَقَطِ التَّنْبِيهُ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِهَا، وَأَنَّهَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ إِذْ بِهَا يَتِمُّ الِاسْتِسْلَامُ، وَبِتَرْكِ بَعْضِهَا يَنْحَلُّ قَيْدُ الِانْقِيَادِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إِلَى كُفْرٍ حَيْثُ لَا إِنْكَارَ إِجْمَاعًا إِلَّا مَا جَاءَ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لِدَلِيلٍ خَاصٍّ كَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ» ": وَلَمْ يَذْكُرِ الْجِهَادَ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ إِلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَالْكَلَامُ فِي فُرُوضِ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا زِيدَ فِي آخِرِهِ فِي رِوَايَةٍ، وَأَنَّ الْجِهَادَ مِنَ الِعَمَلِ الْحَسَنِ، قِيلَ وَجْهُ الْحَصْرِ فِي تِلْكَ الْخَمْسَةِ أَنَّ الْعِبَادَةَ إِمَّا فِعْلٌ أَوْ تَرْكٌ. الثَّانِي الصَّوْمُ، وَالْأَوَّلُ إِمَّا لِسَانِيٌّ وَهُوَ الشَّهَادَتَانِ، أَوْ بَدَنِيٌّ وَهُوَ الصَّلَاةُ، أَوْ مَالِيٌّ وَهُوَ الزَّكَاةُ، أَوْ مَالِيٌّ وَبَدَنِيٌّ وَهُوَ الْحَجُّ، وَقُدِّمَتِ الشَّهَادَتَانِ؛ لِأَنَّهُمَا الْأَصْلُ، ثُمَّ الصَّلَاةُ لِأَنَّهَا الْعِمَادُ الْأَعْظَمُ، وَمِنْ ثَمَّ جَاءَ فِي حَدِيثٍ: وَعَمُودُهَا الصَّلَاةُ. وَفِي حَدِيثٍ: «الصَّلَاةُ عِمَادُ الدِّينِ» . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الِفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: ٤٥] وَلِذَا سُمِّيَتْ أُمَّ الْعِبَادَاتِ كَمَا سُمِّيَتِ الْخَمْرُ أُمَّ الْخَبَائِثِ، ثُمَّ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهَا قَرِينَتُهَا فِي مَوَاضِعَ مِنَ الِقُرْآنِ، وَلِلْمُنَاسَبَةِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْمَالِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ الْحَجُّ لِكَوْنِهِ مُجْمِعًا لِلْعِبَادَتَيْنِ، وَمَحَلًّا لِلْمَشَقَّتَيْنِ، وَلِأَنَّ تَارِكَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عَلَى مَدْرَجَةِ خَاتِمَةِ السُّوءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>