للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٨٧ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْمُسْلِمُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٥٠٨٧ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُسْلِمُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» ) : فِيهِ فَضِيلَةُ الْخِلْطَةِ عَلَى الْعُزْلَةِ، وَذَلِكَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَأَهْلِهِمَا مَعَ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي آدَابِ الصُّحْبَةِ، فَفِي الْأَحْيَاءِ اخْتَلَفُوا فِي الْمُخَالَطَةِ وَالْعُزْلَةِ، وَتَفْضِيلِ أَحَدِهَا عَلَى الْآخَرِ فَقَالَ أَكْثَرُ التَّابِعِينَ: بِاسْتِحْبَابِ الْمُخَالَطَةِ وَاسْتِكْثَارِ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ لِلتَّأَلُّفِ وَالتَّحَبُّبِ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ فِي الدُّنْيَا تَعَاوُنًا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْإِخْوَانِ، فَإِنَّهُمْ عُدَّةٌ لَكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ النَّارِ: {فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ - وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: ١٠٠ - ١٠١] ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَدَّلُ شَيْءٍ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُخَالَطَةِ، وَمَالَ أَكْثَرُ الْعُبَّادِ وَالزُّهَّادِ إِلَى اخْتِيَارِ الْعُزْلَةِ وَتَفْضِيلِهَا عَلَى الْمُخَالَطَةِ، وَعَلَيْهِ الْفُضَيْلُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ، وَقَالَ فُضَيْلٌ: كَفَى بِاللَّهِ مُحِبًّا وَبِالْقُرْآنِ مُؤْنِسًا وَبِالْمَوْتِ وَاعِظًا، اتَّخِذِ اللَّهَ صَاحَبًا وَدَعِ النَّاسَ جَانِبًا، وَأَوْصَى دَاوُدُ الطَّائِيُّ أَبَا الرَّبِيعِ فَقَالَ: صُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَاجْعَلْ فِطْرَكَ الْآخِرَةَ، وَفِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ الْوَرْدِ: بَلَغَنَا أَنَّ الْحِكْمَةَ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ، وَالْعَاشِرُ فِي عُزْلَةِ النَّاسِ، وَدَخَلَ عَلَى حَاتِمٍ الْأَصَمِّ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: أَنْ لَا تَرَانِي. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَفْضَلُ الْمَجَالِسِ مَجْلِسٌ فِي قَعْرِ بَيْتِكَ أَنْ لَا تَرَى وَلَا تُرَى، وَقِيلَ: آدَابُ الْعُزْلَةِ أَرْبَعَةٌ: أَنْ يَنْوِيَ بِهَا كَفَّ شَرِّهِ أَوَّلًا. ثُمَّ السَّلَامَةُ مِنَ الشَّرِّ ثَانِيًا، ثُمَّ الْخَلَاصُ مِنَ الْإِخْلَاصِ بِالْحُقُوقِ ثَالِثًا، ثُمَّ التَّجَرُّدُ بِكُنْهِ الْهِمَّةِ لِلْعِبَادَةِ رَابِعًا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>