للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٠٨٦ - وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ كَالْجَمَلِ الْآنِفِ إِنْ قِيدَ انْقَادَ، وَإِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلًا.

ــ

٥٠٨٦ - (وَعَنْ مَكْحُولٍ) : تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُؤْمِنُونَ هَيِّنُونَ لَيِّنُونَ) : بِالتَّشْدِيدِ وَيُخَفَّفَانِ، فَفِي النِّهَايَةِ هُمَا تَخْفِيفُ الْهَيِّنِ وَاللَّيِّنِ اهـ. وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ ضَعِيفُ خِلَافُ الْأَصْلِ، فَلَا يَثْبُتُ إِلَّا بِثَبْتٍ، فَالْجَزْمُ بِهِ غَيْرُ تَثَبُّتٍ، وَفِي الْفَائِقِ: وَالْمَحْذُوفُ مِنْ يَاءَيْ هَيِّنٍ وَلَيِّنٍ الْأُولَى، وَقِيلَ! الثَّانِيَةُ. قُلْتُ: الثَّانِيَةُ أَوْلَى مِنَ الْأُولَى لِلِاحْتِيَاجِ عِنْدَهَا لِلتَّخْفِيفِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ إِلَى تَخْفِيفٍ آخَرَ، فَتَدَبَّرْ. (كَالْجَمَلِ الْآنِفِ) : بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَيُمَدُّ وَكَسْرِ النُّونِ فَفِي الْقَامُوسِ: أَنِفَ الْبَعِيرُ كَفَرِحَ اشْتَكَى أَنْفَهُ مِنَ الْبَرِّةِ، فَهُوَ أَنِفٌ كَكَتِفٍ وَصَاحِبٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَفْصَحُ. وَقَالَ شَارِحٌ: الْمَدُّ فِيهِ خَطَأٌ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ رِوَايَةً أَوْ دِرَايَةً. وَفِي النِّهَايَةِ: الْأَنْفُ بِمَعْنَى الْمَأْنُوفِ وَهُوَ الَّذِي عَقَرَ الْخِشَاشُ أَنْفَهُ فَهُوَ لَا يَمْتَنِعُ عَلَى قَائِدِهِ لِلْوَجَعِ الَّذِي بِهِ، وَقِيلَ الْأَنِفُ الذَّلُولُ يُقَالُ: أَنِفَ الْبَعِيرُ فَهُوَ أَنِفٌ إِذَا اشْتَكَى أَنْفَهُ مِنَ الْحِشَاشِ، وَكَانَ الْأَصْلُ أَنْ يُقَالَ: مَأْنُوفٌ لِأَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ كَمَا يَقُولُ مَصْدُورٌ وَمَبْطُونٌ لِلَّذِي يَشْتَكِي صَدْرَهُ وَبَطْنَهُ، وَإِنَّمَا جَاءَ هَذَا شَاذًّا وَيُرْوَى كَالْجُمَلِ الْآنِفِ بِالْمَدِّ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ. الْجَوْهَرِيُّ: الْخِشَاشُ بِالْكَسْرِ خَشَبٌ يَدْخُلُ فِي أَنْفِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ الْكَافُ مَرْفُوعَةُ الْمَحَلِّ عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ ثَالِثٌ، وَالْمَوْتُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ مَحَلُّهَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ لَيِّنُونَ لِينًا مِثْلَ الْجَمَلِ الْأَنِفِ. ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَالْأَوَّلُ أَدَقُّ وَبِالِاعْتِمَادِ أَحَقُّ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَقْدِيرِ كُلِّ وَاحِدٍ، بَلِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ مِنْ كَمَالِ انْقِيَادِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ فِي سَبِيلِ رِضَاءِ مَوْلَاهُمْ، مِثْلَ الْجَمَلِ الْوَاحِدِ الْمَأْنُوفِ. فَالْجُمَلُ صَحِيحٌ مَعَ إِفَادَةِ الْمُبَالِغَةِ كَمَا وَرَدَ: " «الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ إِنِ اشْتَكَى رَأْسَهُ اشْتَكَى كُلَّهُ، وَإِنِ اشْتَكَى عَيْنَهُ اشْتَكَى كُلَّهُ» " عَلَى مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْجَمَلِ الْجِنْسُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ فَلَا إِشْكَالَ (إِنْ قِيدَ) : مَجْهُولٌ قَادَهُ وَجَرَّهُ وَقَوْلُهُ (انْقَادَ) : وَمُطَاوِعٌ لَهُ أَيْ: طَاوَعَهُ وَانْسَحَبَ مَعَهُ (وَإِنْ أُنِيخَ) : مَجْهُولٌ أَنَاخَ الْبَعِيرَ إِذَا بَرَّكَهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ: مِنًى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ (عَلَى صَخْرَةٍ) أَيْ: فَرْضًا أَوْ مَثَلًا (اسْتَنَاخَ) : فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ شَدِيدُ الِانْقِيَادِ لِلشَّارِعِ فِي أَوَامِرِهِ، وَنَوَاهِيهِ. وَفِي قَوْلِهِ: إِنْ أُنِيخَ عَلَى صَخْرَةٍ اسْتَنَاخَ إِيذَانٌ بِكَثْرَةِ تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ؛ لِأَنَّ الْإِنَاخَةَ عَلَى الصَّخْرِ شَاقَّةٌ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُرْسَلًا) : وَفِي الْجَامِعِ: رَوَاهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَكْحُولٍ مُرْسَلًا، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْ: مُتَّصِلًا مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>