للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٢٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ! مَنْ أَعَزُّ عِبَادِكَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَنْ إِذَا قَدَرَ غَفَرَ» ".

ــ

٥١٢٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ) : عَلَيْهِ السَّلَامُ: (يَا رَبِّ مَنْ أَعَزُّ عِبَادِكَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَنْ إِذَا قَدَرَ غَفَرَ) : وَالْمُرَادُ أَنَّ الْأَعَزَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْجَمْعِيَّةِ الرُّبُوبِيَّةِ الْعِنْدِيَّةِ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ كَوْنَهُ أَذَلَّ فِي طَرِيقِ الْعُبُودِيَّةِ الْعَبْدِيَّةِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ وَالْعِبَادَةَ مَأْخُوذَانِ مِنْ طَرِيقٍ مُعَبَّدٍ أَيْ: مُذَلَّلٍ، وَقَدْ قَالُوا: الْعِبَادَةُ هِيَ أَقْصَى غَايَةِ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ، وَلِذَلِكَ لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى، مَعَ أَنَّ الْغُفْرَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: ١٤٩] ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الْعَفْوِ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْحِدَّةَ الْجَلَالِيَّةَ، لِيَحْصُلَ لَهُ الِاعْتِدَالُ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْكَمَالُ، بَلْ يَنْبَغِي غَلَبَةُ نَعْتِ الْجَمَالِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ: ( «غَلَبَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي» ) وَلِكَوْنِ الرَّحْمَةِ غَالِبَةً عَلَى نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُصِفَ بِكَوْنِهِ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، وَأُمَّتُهُ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، فَإِنَّ الرَّاحِمِينَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ عَلَى مَا سَبَقَ فِيهِ الْبَيَانَ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «مَنْ عَفَا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْعُسْرَةِ» ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>