٥١٢٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٥١٢٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلِمَةٌ) : بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِفَتْحِ اسْمِ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ أَوْ تَعَرَّضَ لَهُ (لِأَخِيهِ) أَيْ: فِي الدِّينِ (مِنْ عِرْضِهِ) : بَيَانٌ لِلْمَظْلِمَةِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَانِبِهِ الذِّي يَصُونُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَنَسَبِهِ وَحَسَبِهِ وَيَتَحَامَى أَنْ يَنْتَقِصَ (أَوْ شَيْءٍ) أَيْ: أَمْرٌ آخَرُ كَأَخْذِ مَالِهِ أَوِ الْمَنْعِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهِ، أَوْ هُوَ تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ (فَيَتَحَلَّلَهُ) أَيْ: فَلْيَطِبِ الظَّالِمُ حِلَّ مَا ذُكِرَ (مِنْهُ) أَيْ: مِنَ الْمَظْلُومِ فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ تَحَلَّلْتُهُ وَاسْتَحْلَلْتُهُ إِذَا سَأَلْتَهُ أَنْ يَجْعَلَكَ فِي حِلٍّ (الْيَوْمَ) أَيْ: فِي أَيَّامِ الدُّنْيَا لِمُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: (قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ) أَيْ: لَا يُوجَدُ (دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ) : وَهُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ، وَلَوْ بَذَلَ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ فِي بَذْلِ مَظْلِمَتِهِ، لِأَنَّ أَخْذَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ الْيَوْمَ عَلَى التَّحَلُّلِ أَهْوَنُ مِنْ أَخْذِ الْحَسَنَاتِ أَوْ وَضْعِ السَّيِّئَاتِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ التَّحَلُّلِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا ظَالِمًا غَيْرَ مَعْفُوٍّ مِنْ مَظْلُومِهِ (أُخِذَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: عَمَلُهُ الصَّالِحُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ صَاحِبِهِ الظَّالِمِ عَلَى غَيْرِهِ (بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ) : وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ كَمِّيَّةٌ وَكَيْفِيَّةٌ مُفَوَّضٌ عِلْمُهَا إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، هَذَا وَقَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: إِنْ كَانَ اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلَ مَظْلِمَتِهِ تَوَجَّهَ لِسَائِلٍ أَنْ يَسْأَلَ فَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلَ مَظْلِمَتِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ إِلَخِ اهـ. (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ: لَمْ تُوجَدْ (لَهُ حَسَنَاتٌ) أَيْ: بَاقِيَةٌ أَوْ مُطْلَقًا (أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ) أَيِ: الْمَظْلُومِ (فَحُمِلَ عَلَيْهِ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مُخَفَّفًا أَيْ: فَوَضَعَ عَلَى الظَّالِمِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ نَفْسَ الْأَعْمَالِ بِأَنْ تَتَجَسَّمَ فَتَصِيرَ كَالْجَوَاهِرِ، وَأَنْ يَكُونَ مَا أَعَدَّ لَهُمَا مِنَ النِّعَمِ وَالنِّقَمِ إِطْلَاقًا لِلسَّبَبِ عَلَى الْمُسَبِّبِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] لِأَنَّ الظَّالِمَ فِي الْحَقِيقَةِ مَجْزِيٌّ بِوِزْرِ ظُلْمِهِ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ تَخْفِيفًا لَهُ وَتَحْقِيقًا لِلْعَدْلِ، (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute