للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٩٧ - وَعَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ، فَقَالَ: أَلَا أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٣٩٧ - (وَعَنْ عُثْمَانَ) : رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ (أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: فِي مَوَاضِعِ قُعُودِ النَّاسِ فِي الْأَسْوَاقِ وَغَيْرِهَا اهـ. وَقِيلَ: مَوَاضِعُ الْقُعُودِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْمَدِينَةِ (فَقَالَ: أَلَا) : بِالتَّنْبِيهِ أَوِ الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ ( «أُرِيكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» ) : أَيْ: كَيْفِيَّتَهُ وَتَصْوِيرَهُ (فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَهَذَا هُوَ الْأَكْمَلُ. قَالَ مِيرَكُ: أَيْ غَسَلَ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثَلَاثَةً، وَعُمُومُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ أَيْضًا ثَلَاثًا، لَكِنَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي فُصِّلَتْ فِيهَا أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَسْحَ الرَّأْسِ وَقَعَ مَرَّةً تَأَمَّلْ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَيْ طَهَّرَ كُلَّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَهَذَا يَشْمَلُ مَسْحَ الرَّأْسِ ثَلَاثًا، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِتَثْلِيثِ الْمَسْحِ فِي رِوَايَةٍ اهـ.

وَهَى فِي أَبِي دَاوُدَ، لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّهَا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ مُخَالِفَةٌ لِلثِّقَاتِ، وَلِذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ مَعَ كَمَالِ اعْتِنَائِهِ بِتَصْحِيحِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ فِي تَكْرَارِ الْمَسْحِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ عُثْمَانَ، وَرِوَايَةُ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عُثْمَانَ مُطْلَقَةٌ، وَالرِّوَايَاتُ الثَّابِتَةُ عَنْهُ الْمُفَسِّرَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكْرَارَ وَقَعَ فِيمَا عَدَا الرَّأْسِ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَأَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً اهـ كَلَامُهُ. وَلِأَنَّهُ مَسْحٌ فَلَا يُسَنُّ تَثْلِيثُهُ كَالْجَبِيرَةِ وَالْخُفِّ وَالتَّيَمُّمِ وَلِأَنَّهُ بِالتَّعَدُّدِ يَنْقَلِبُ غَسْلًا (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) قَالَ الطِّيبِيُّ:

وَإِنَّمَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً مَرَّةً، وَأُخْرَى مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَأُخْرَى ثَلَاثًا ثَلَاثًا تَعْلِيمًا لِلْأُمَّةِ أَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ وَأَنَّ الْأَكْمَلَ أَفْضَلُ أَيْ: أَكْثَرُ ثَوَابًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْكَمَالِ نُقْصَانٌ وَخَطَأٌ وَظُلْمٌ وَإِسَاءَةٌ كَمَا سَنُورِدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>